المصريون
محمود سلطان
من المسئول عن غياب البديل؟!
السياسي المعروف المهندس ممدوح حمزة، كتب على تويتر قائلا: "عمرو موسى يرفض دعوات تمديد فترة الرئاسة، وهذا ما أثار الرأي العام العالمي ضد التمديد" وأرفق مع ما كتبه تقريرًا لـ"واشنطن بوست" تناول فيه موقف موسى من التمديد.

والحال أن ما ذكره حمزة صحيح.. إذ لم يهتم العالم بالاحتجاجات داخل مصر على نوايا تعديل الدستور لصالح تمديد فترة الرئاسة.. إلا بعد أن أعلن عمرو موسى موقفه بصراحة.

وهذه ظاهرة تحتاج إلى تأمل.. إذ لم يكتشف قطاع ليس بالقليل من النخبة المصرية، أهمية الشخصيات الوطنية التي تحظى باحترام المجتمع الدولي، وتأثيرها في أي حراك للإصلاح السياسي.

ربما القوى العلمانية في مصر تعي ذلك بشكل جيد، ولكنه يغيب تمامًا عن وعي الإسلاميين، بسبب التمسك بخرافة أن العالم يتآمر علينا.. وأن كل من له صلة بالعمل الدولي أو الإقليمي فهو بالضرورة مشرع "عمالة" أو "تجسس".. أو لو وجد ما يشبه الثناء عليه أو تكريمه دوليًا.. فهو كذلك يظل في نظر الإسلاميين محل شك وريبة ولن يتورعوا عن التشكيك في سلامة حسه الوطني.

على سبيل المثال، يعتقد الإسلاميون أن نجيب محفوظ حصل على "نوبل" مكافأة له ليس على إبداعه وإنما بسبب تأييده لـ"كامب ديفيد"!! ويعتقدون أن زويل حصل عليها ليس لخدماته العلمية للإنسانية، ولكن بسبب "الرضا الإسرائيلي" عليه!! وأن البرادعي كرم بـ"نوبل" أيضًا مكافأة له على "عمالته" للأمريكيين!!

الإساءة لكل ما هو جميل في هذا البلد لم يكن هو النتيجة الوحيدة لهذه العصبية الطفولية، وإنما ترتبت عليها نتائج أبشع وأفظع، إذ حرموا على مستوى التيار من بركة تعاطف تلك الشخصيات معهم، التي كان من شأنها أن توفر لهم ملاذًا آمنًا من القمع والتنكيل والترويع.. هذا من جهة.. ومن جهة ثانية ساعدوا كل القوى والمؤسسات التي خرجت مهزومة ومكسورة من ثورة يناير، على الانتقام منها، وانكسار أحلام وأشواق المصريين في الديمقراطية والعيش كبني آدميين فوق الأرض.

قاوم الإسلاميون بشراسة ـ أثناء حكم المشير طنطاوي ـ أية نية لتولي محمد البرادعي منصب رئيس الوزراء، ونظم الإعلام التابع للتيار السلفي حملة عاتية خاضت في عرضه وعرض أسرته، واجتهدت في البحث عن "أدلة" كانت شديدة التفاهة تثبت عمالته للأمريكان! واعتبروا وجوده على رأس السلطة "مؤامرة كونية" على الإسلام.. وخرجوا في الميادين يهتفون: يا مشير أنت الأمير!!

واعترف مرسى أثناء توليه السلطة، بأنه تلقى اقتراحات من عواصم غربية متنفذة في صناعة القرار الدولي، بأن يعين عمرو موسى أو محمد البرادعي رئيسًا للوزراء، إلا أنه رفض مبررًا رفضه بأنه طالما جاءت التوصية من الغرب فهما بالضرورة خطر عليه وعلى الإسلام!!

والنتيجة.. أنه قد تم افتراسه وجماعته بالكامل.. في عملية سهلة وبسيطة تشبه نزهة لاصطياد الأرانب البرية!!

مصر غنية بشخصيات كثيرة تحظى باحترام المجتمع الدولي، وهي تثير خوف وقلق القوى غير الديمقراطية الموجودة في السلطة وفي خارجها، ونجحت الأخيرة في توظيف الإسلاميين ببراعة، في تصفيتهم معنويًا وسياسيًا.. لتخلو الساحة من أية مهارات أو خبرات سياسية مدنية بديلة.. من الصعب التحرش بها بطرق خشنة وغير ديمقراطية.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف