المصرى اليوم
عباس الطرابيلى
فساد.. بمليون فساد!
قالوا - قديماً - غلطة الكبير بألف.. وقالوا خطأ القريب بمائة ألف.. وبالتالى تكون عقوبته أكبر من خطأ البعيد.. وهكذا الوضع مع خطأ نائبة محافظ الإسكندرية التى وقعت منذ ساعات.. وإذا كانت قد وصفت نفسها بأنها «ست بمليون راجل» فإن عقوبتها يجب أن تكون - إن ثبتت جريمتها - بمليون عقوبة للموظف العادى.. أى أن المليون جنيه - جريمتها التى تحصلت عليها - يجب أن تكون عقوبتها فى نفس حجم المسؤولية التى كانت تتولاها.. وخطأ الشاطر بألف.. إذ هى موكول إليها أن تقود الجهاز الإدارى والمالى والفنى بالكامل فى ثانى محافظات مصر، شهرة وقيمة.. ولكن هكذا النفس دائماً أمارة بالسوء.

هى الدكتورة سعاد عبدالرحيم الخولى، نائبة المحافظ، التى «دوبت» ثلاثة محافظين.. وسقطت فى عهد الرابع. منذ أدت اليمين الدستورية نائبة للمحافظ أمام رئيس الدولة فى فبراير 2015.. بل كان حلمها الأكبر هو أن تجلس على مقعد المحافظ، بعد أن ذاقت طعمه لأكثر من ثلاثة شهور كانت هى بالفعل محافظ الإسكندرية بالنيابة.. أو القائم بعمل المحافظ، رغم أن النظام المصرى ومنذ زمن، كان يعتبر مدير الأمن هو الرجل الثانى.. أى من يحل محل المحافظ.. إلا أمام هذه السيدة!!

ولأن الإسكندرية هى مدينة المخالفات الرهيبة فى البناء - سواء على أراضى الدولة أو التعلية بالمخالفة للقوانين.. كان يفترض أن تكون مهمة نائبة المحافظ هى مطاردة هؤلاء المخالفين.. ولكن لأن مافيا البناء بالإسكندرية هى الأخطر على مستوى مصر كلها.. فقد عرفت هذه المافيا كيف تخترق هذا المنصب.. الذى كان يجب أن تتولى تطهيره فأوقعتها المافيا فى حبالها.. ونجحت فى إسقاطها.. وربما يأخذ الدفاع عنها هذه النقطة ليحاول تخفيف عقوبتها.. أى القول إن ما جرى لها مؤامرة لإقصائها عن موقعها.. ولكن هذا لم يفت على الرقابة الإدارية.

وإذا كانت الدكتورة الخولى هى أول نائبة للمحافظ.. فإنها أيضاً أصبحت أول مسؤولة إدارية وسياسية عليا تقع فى يد الرقابة الإدارية.. وهى بذلك «فضيحة.. بجلاجل».. وربما تكون أيضاً «أول مسؤولة» كبيرة تدخل السجن.. ولكن ترى لماذا وقعت نائبة المحافظ فى شرك المافيا.. هل قارب سنها إلى الإحالة إلى المعاش فأرادت أن تحصل على مكافأة نهاية الخدمة.. بهذا الشكل.. أم كانت الإغراءات المالية أكبر من أن ترفضها.. ولكن ندع ذلك للنيابة.

■ وأخطر ما فى هذه القضية أنها تدفعنا إلى التحرك بسرعة.. إما لنسف نظام المحليات الحالى من أساسه.. أو وضع ضوابط لكى يؤدى عمله كما يجب.. وأن نبعده عن أى شبهة للتربح أو للفساد ولكننى أرى أننا هنا نطلب المستحيل. ليس بسبب ما قيل إن فساده وصل للركب.. ولكن العمل فيه كان - ولايزال حلماً - للباحثين عن المال.

■ ولا أدرى لماذا يؤجل الرئيس السيسى فتح ملف فساد المحليات رغم قناعته وتركيزه الكلام على فسادها.. فهل يتخذ الرئيس السيسى من قضية الدكتورة الخولى سبباً لبدء المعركة ضد الفساد فى المحليات.. وليس على غرار ما حدث مع الشيخ الفيل والشيخ سيف عندما اتخذ عبدالناصر قضيتهما لإلغاء القضاء الشرعى.. وكذلك حكاية تاتا زكى التى كانت القشة التى تم تأميم الصحافة.. بسببها!!

■ على أى حال، فساد المحليات لم يعد يحتمل.. اللهم إلا إذا كانت قوته من الضخامة بحيث باتت تتحدى أى محاولة للإصلاح!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف