كانت السيدات في القري أيام زمان يذهبن الي السوق لشراء طلبات بيوتهن، وفي طريق العودة الي البيت كانت الواحدة منهن تحمل فوق رأسها «الشيلة» التي تمتلئ بكل طلبات البيت من خيرات السوق..
وأثناء الطريق تفاجأ صاحبة الشيلة بمن تنشق عنه الأرض وكأنه عفريت يسير خلفها ، ويتعقب خطاها ولا يتركها إلإ بعد أن يدفع بيده تلك الشيلة من فوق رأسها، وكان أهل القري يطلقون علي هذا الشخص المؤذي اسم «وقاع الشيل». وكانوا يتندرون علي تصرفاته العبيطة التي تتكرر كل يوم بنفس الشكل وبنفس الطريقة بلا مبرر.
ومع تغير الحال وتطور الحياة، اختفت تلك الظاهرة من القرية وانتقلت الي المدينة لتصبح ملمحاً من ملامح الحياة العصرية، وإن كانت تتم بأشكال مختلفة عن ذي قبل وصارت للأسف الشديد من الأشياء المعتادة في حياتنا اليومية.
فها هو «وقاع الشيل» يظهر بيننا فجأة حينما يتولي أي شخص مسئولية جديدة ونجده يتفنن في صنع العراقيل ويلقي بها تحت الأقدام ليتعثر هذا المسئول الجديد وربما يسقط علي الأرض هو والشيلة التي قد يكون بدأ في التو واللحظة حملها أو وضعها فوق رأسه.
والمؤسف أن هذا الشخص يطل علينا صباح مساء عبر شاشات الفضائيات ، وهو يقوم بطرح رؤاه وأفكاره «المسمومة والملغومة» التي تستهدف فقط إفساد حياتنا العامة والخاصة علي السواء.. وها هو أيضاً نفاجأ به يرقص طرباً كلما حلت فوق رءوسنا مصيبة من الوزن الثقيل.
فهل نستسلم لممارسات «وقاعين الشيل» وندعهم يعطلون مسيرتنا وينغصون علينا حياتنا ويوقفون طموحنا المشروع والعادل.. أم نفيق من غفلتنا ونتصدي لهذا الخطر، حتي لو استلزم الأمر أن ننام وعيوننا مفتوحة مثل الذئاب ، فنحن نعيش الآن حياة جديدة علينا تماماً لم نعرفها من قبل .. حياة شعارها «إن لم تتذاءب تأكلك الذئاب»؟