جريدة روزاليوسف
سعيد عبد الحافظ
مستقبل الحركة الحقوقية فى مصر
يبدو أن الحركة الحقوقية وبفعل فاعل عادت غريبة كما بدأت، هذه الحركة التى بدأت فى مطلع الثمانينيات وسبقت غيرها فى محيطها العربى والإقليمى وساهمت عبر عشرات السنين فى إرساء قيم ومبادئ حقوق الإنسان فى الوطن العربى، وكان مقدر لها أن تساهم فى توحيد الجسد الحقوقى وتنمية أعضائه ليكون قادرًا على المساهمة فى تحديث حياة المواطنين وتحقيق حلمهم فى حياة آمنة وكريمة.
لا يمكن تجاهل ما قامت به الحركة الحقوقية من إسهامات فى هذا الشأن فقد نجحت أحيانًا وأخفقت أحيانًا أخرى، ولم تكن تلك الإخفاقات لتحدث لو لم تقع الحركة فى فخ الاستقطاب أو تخلط بين السياسة وحقوق الإنسان، مما وصم الحركة فى أحيان كثيرة بأمراض السياسة من شللية وتعصب وتخوين وغياب قيم التسامح إزاء اختلاف الآراء، كما أن إصرار بعض النشطاء على الرهان الخاسر على الغرب لتحسين حالة حقوق الإنسان فى مصر، ساهم فى تغريب الحركة ولوى عنقها لتصبح أداة طيعة فى يد الغرب وبعض مؤسساته.
لاشك سيتحمل هؤلاء الحقوقيون مسئوليتهم أمام التاريخ فى أنهم أعادوا الحركة الحقوقية للمربع صفر، فنحن الآن كما بدأنا منبوذون شعبيًا لا نحظى باحترام المواطن ودعمه فى مصر.
عادت الحركة غريبة عن مجتمعها أقرب لحركة استشراقية تسعى للعمل مع الغرب وتفتح قنوات الحوار مع مؤسسات الغرب وترفض إدارة حوار مع الدولة ومؤسساتها، فى ظنى أن أولى المهام لإعادة الدفء إلى الجسد الحقوقى البارد هو مواجهة أنفسنا بأخطائنا وإدارة حوار بين الحقوقيين أنفسهم ثم تبدأ مرحلة التصحيح وعلى رأسها الإقرار بأن الحركة الحقوقية ليست فى خصومة مطلقة مع السلطة السياسية، ولكنها فى خصومة مع من ينتهك حقوق الإنسان أيًا كان موقعه.
حقوق الإنسان كحركة لا تعمل إلا داخل إطار الدولة وتلتزم بقوانينه، كما أن مرجعيتها هى فقط الاتفاقيات والمواثيق الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان، فهى ليست حركة تمرد على السلطة والإطار القانونى، لتبدأ مع تلك الخطوة مرحلة الاعتراف بأن الحركات الحقوقية يجب أن تخضع لسلطان القانون وليست خارجه ويتزامن ذلك مع الإقرار بمبدأ أن التمويل حق مشروع للمؤسسات الحقوقية، ولكنه قرين الشفافية، فإذا غابت الشفافية والمحاسبة على تمويل المؤسسات الحقوقية فهو يفتح الباب للتشكيك فى مصداقية المؤسسات والمنظمات الحقوقية.
يجب التأكيد على أن سيادة الدولة تمتد للرقابة على الأموال التى تأتى من الخارج ومن المهم كذلك الاتفاق على ميثاق أخلاقى يحدد الحقوق والواجبات ويضمن حقوق العاملين فى تلك المؤسسات الحقوقية، ويضع إطارًا من الاحترام المتبادل بين المنظمات فيما بينها من ناحية، وبين المنظمات ومؤسسات الدولة فى مصر من ناحية أخرى.
هذه نقاط تشمل قواعد لخطة عمل للحركة الحقوقية إذا أرادت أن تكون حركة وطنية تشارك الدولة فى التنمية، هذه الرؤية تمثل الحد الأدنى لإطار جاد للحفاظ على الحركة الحقوقية من الانقراض وسيكون من السهل بعد ذلك التعرف على أولئك الذين لا يهمهم سوى المكايدة السياسية والمتاجرة باسم حقوق الإنسان لمصالح شخصية أو لمصالح جهات أخرى لا نعلمها.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف