الدستور
رانيا هاشم
صراع النفس
كلنا نعانى صراعًا نفسيًا بداخلنا.. هذا الصراع هو الذى يجعلك تقف أمام الله فى صلاتك بكل خشوع تبكى خوفًا وندمًا من أى ذنب ارتكبته.. «لأننا بشر فمن منا معصوم من الخطأ»؟!! وبعد دقائق تغنى وترقص وترفع شعار «ساعة لقلبك وساعة لربك».

الصراع النفسى هو الذى يجعلك تعطف على مسكين وتساعده وبعدها بدقائق تقف صفًا ثانيًا وتعرقل الطريق على غيرك بحجة أنك مستعجل أو لن تتأخر وستعود قبل أن يشعر بك الآخرون.. أو لأنه لا يوجد مكان!! وتتناسى أنك تؤذى إنسانًا أخر.. من الممكن أن يكون محتاجًا الذهاب للعمل أو الطبيب وأنت بطريقتك تسببت فى تعطله وتناسيت هنا أننا من المفترض مساعدة الآخرين وليس تعطيلهم والتسبب فى حدوث أذى لهم «ارفع الأذى عن طريق المسلمين»!!.

إنها مزيج من المتناقضات المتناحرة فما تهواه النفس قد يعارضه العقل والعكس صحيح!!.. والبعض يرى أنها صراع بين الخير والشر.. والخير دائمًا من عند الله أما الشر فهو من النفس البشرية.. لكن مهما كان التفسير سيظل الصراع النفسى مستمرًا.. والسؤال هو كيف نتغلب عليه ؟!! فنقلل جانب الشر لصالح الخير.. «ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون» نجد هنا أن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان حر التصرف ولا يتم ذلك إلا من خلال نزعتى الخير والشر فى الإنسان نفسه وفى الأرض التى يعيش عليها.. فيبدو أن الخير والشر مفهومان نقيضان لكل منهما صورته المحددة المغايرة جذريًا لصورة الآخر.. فلا يمكن اعتبار الشر على أنه الجانب المعاكس للخير.. ولكن من الممكن اعتباره مخلوقًا على الأرض مثله مثل «الخير»..ليكون هناك الصراع الأبدى مع النفس البشرية لتهذيبها.. والمذهل أن ما نراه على أرض الواقع يؤكد أن الميل إلى الشر أصبح يفوق الميل للخير.. فما الذى حدث ؟!!.. فالمؤشرات تقول إن النفس البشرية «قد خاب من دساها» وقدرة الشيطان على نشر الشر فى الأرض ناجحة.. والمحير هنا ليس الشيطان وانتصاره، ولكن فى الإنسان وتركيبته.. فوجود الخير والشر فى الأرض متساوٍ، حسب ما يذكره القرآن.. والميل إلى الخير والشر متساوٍ فى النفس البشرية، حسب ما يذكره ويؤكده القرآن.. والدعاة إلى الخير من الرسل والأنبياء والفلاسفة موجودون على الأرض، مثل الشيطان وحزبه من البشر الدعاة إلى الشر.. ويبقى السؤال بلا إجابة! هل يميل الإنسان بالفعل إلى كفة «الشر» أكثر، أم أنه حدث تغير فى سلوكيات وطبيعة الإنسان جعله يستسهل الشر عن الخير فأصبحنا نتناحر فى كل مكان بدلًا من أن يكون بيننا مودة، بحكم أننا أخوة فى الوطن والأرض؟!!.. سؤال يبحث عن إجابة!!.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف