أوروبا مهتمة كثيراً بما يحدث في مصر.. ومهتمة أكثر بمستقبلها هذا عن أهم ما خرجت به خلال جولة لي في أربع عواصم أوروبية بدأت بكوبنهاجن وامتدت الي امستردام ثم بودابست وانهيها الآن في فينا.
ومظاهر الاهتمام قد تلمسها خارج أوروبا ونحن في مصر بتلك الانتقالات التي تتم بين مسئولين أوروبين ومسئولين مصريين بشكل مستمر ودائم وبعض التصريحات الرسمية الإيجابية لعدد من المسئولين الأوروبيين عن مصر وإدارتها وكان آخرها تصريح وزير الخارجية الألماني الذي تبني فيه وجهة النظر المصرية الرسمية والشعبية تجاه نهر النيل والعلاقات المصرية مع دول حوضه والتي تعتبر النيل مصدر حياة للمصريين. ويعرض فيها الوزير الألماني استعداد بلاده للوساطة بين مصر ودول حوض النيل في الخلاف حول أحقية مصر في الموافقة علي أية مشروعات تقيمها علي النهر أية دولة من دول حوض نهر النيل.
غير أن مظاهر الاهتمام الأوروبي بما يحدث في مصر ومستقبلها لمسته من خارج مصر في هذه العواصم الأوروبية الأربعة من عدة مظاهر مختلفة ومتنوعة من بينها مناقشات وأحاديث. ورصد لرغبة من مستثمرين أوروبيين للاستثمار في مصر. وأيضاً رغبة من أوروبيين لزيارة مصر كسائحين.
وإذا كانت هذه الرغبة سواء للسياحة أو الاستثمار مرتبطة بظروف وأوضاع داخلية مصرية. فضلاً عن أن قرارات الاستثمار والسياحة يحتاج تنفيذها لوقت. فإن المناقشات والأحاديث تتم في الحال ولا يحتاج أصحابها للانتظار بعض الوقت. وأنا هنا لا أتحدث عن المواطنين العاديين في أوروبا الذين تتصدر قائمة اهتماماتهم بالطبع ظروف حياتهم ومستواها أساسا. وإنما أعني هنا بأحاديث من يعملون تحديداً في المجال الإعلامي الذين بحكم عملهم يهتمون بأوضاع وظروف غير بلادهم. ويعكسون أو يترجمون أيضاً ما يهتم به الساسة والمسئولون في بلادهم بالنسبة للبلاد الأخري.
ومن هذه الأحاديث يمكننا أن نستنتج أن ثمة اهتماماً أوروبياً بما يحدث في مصر من تطورات سياسية واقتصادية واجتماعية. ليس من قبيل المتابعة والرصد فقط الذي تقتضيه أمور ادارة السياسة الخارجية لأي دولة من الدول. ناهيك بالطبع عن الدول الأوروبية التي تشهد حالياً تطورات دراماتيكية سواء فيما يتعلق بعلاقة دولها بين بعضها أو فيما يتعلق بعلاقاتها المرتبكة الآن والقلق من الحليف الأساسي التقليدي والولايات المتحدة.
وإنما الأوروبيون يتابعون عن كثب ما يحدث في مصر لأنهم معنيون ومهتمون بشكل واضح باستقرار الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية أيضاً في مصر.. فهم علي عكس دوائر ومؤسسات أمريكية يرون أن مصلحتهم تكمن حالياً في ان تستعيد مصر كامل استقرارها وألا تتعرض لاضطرابات وأحداث تؤثر بالسلب علي هذا الاستقرار. لأن عدم استقرار مصر سوف يؤدي الي اضطراب شامل يعم دول منطقتنا كلها. وهي المنطقة التي يربطها بأوروبا الكثير من الروابط والعلاقات.. وهذا من شأنه ألا يهدد الأوروبيين فقط بهجرة ملايين من مواطني دول منطقتنا بشكل غير شرعي. وهو ما ذاقت مرارته الدول الأوروبية علي إثر ما شهدته كل من سوريا وليبيا ومن قبل العراق.. وأما اضطراب أوضاع منطقتنا فهدد الأوروبيين بخطر آخر أكثر حدة. وهو خطر الإرهاب الذي بدأت تتذوق أوروبا مرارته مؤخراً. من خلال عمليات القتل والدهس والطعن أيضاً التي تكررت في عدد من عواصمها الكبيرة. وإن كانت العواصم الأوروبية الأربعة التي زرتها نجحت منها حتي الآن. غير أن ذلك لا يعني أنها بمنأي عن خطر الإرهاب نظراً لأن الإخوان ينشطون في بعضها خاصة امستردام وبودابست وأخيراً فينا.
ولذلك تتكرر دائماً في تلك الأحاديث أسئلة واستفسارات عديدة عن الانتخابات الرئاسية القادمة في مصر وعن شعبية الرئيس السيسي وعن مدي رضاء عموم المصريين بعد اجراءات الاصلاح الاقتصادي. وعن حجم الخطر الذي يشكله الإرهاب في سيناء وعن مستقبل جماعة الإخوان حتماً وتحديداً عن امكانية تنفيذ أحكام الإعدام ضد قادتها.
إنه اهتمام أوروبي كبير بالفعل بمصر ومستقبلها.