المصرى اليوم
سوسن الدويك
دستور يا أسيادنا: «تكدير».. أمريكاني
- «سوء تقدير» أم «تكدير» أمريكاني لمصر؟! بتعليقها 290 مليون دولار- والسبب المعلن والمكتوب هو أن هذا «عقاب» بدعوى عدم إحراز القاهرة تقدمًا في ملف احترام حقوق الإنسان والمعايير الديمقراطية «من وجهة نظر أمريكا طبعًا»..

- إذا كان ذلك هو الادعاء الأمريكي لحجب الدولارات المتمثلة في «المعونة» كما يطلق عليها.. فما هي الحقيقة؟ أو ما هي القصة والجذور التي بنت عليها أمريكا أو تحديداً الكونجرس الأمريكي أسبابه لاتخاذ هذا القرار الذي يبدو، ومن الوهلة الأولى أنه «كارت ضغط» في وقت عصيب تمر به مصر الآن، وأمريكا كعادتها تضغط أكثر وبخِسة لتحقيق أهدافها القذرة السوداء..

- وفى إطار هذا الاعتداء الأمريكي أو «الافتراء»، تعددت الأسباب و«حجب المعونة».. واحد.. وخرجت علينا تصريحات المسؤولين الأمريكيين بدءا من سجل حقوق الإنسان المتردى في مصر، وعلاقاتها الدافئة بكوريا الشمالية وإصدار قانون الجمعيات الأهلية الجديد وصولاً لعدم الرضا عن سلوك مصر ومواقفها ويمكن أن نصل لثقل دم مصر على قلب أمريكا وأصدقائها الإخوان وفعلاً.. تعددت الأسباب.. والحقيقة هي.. الإخوان.

- ورغم تصديق ترامب في مايو الماضى على 1.3 مليار دولار للمساعدات العسكرية إلى مصر، وحوالي 112 مليون دولار للمعونة الاقتصادية إلا أنه تم حجب 15% منها.. لماذا؟ الإجابة كاشفة فاضحة للنوايا الأمريكية، حتى يثبت للسادة الأمريكان أن الحكومة المصرية تتخذ خطوات فعالة لتعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان، وحماية الأقليات، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وهذا هو مربط الفرس.. إطلاق سراح المتهمين المجرمين «الإخوان وإخوانهم».

- الإخوان يلعبون دوراً قذراً في تشويه صورة مصر لدى الكونجرس الأمريكي، وطبعًا هم يمثلون جماعات مصالح وضغط على القرار الأمريكي الذي لم يستطع حتى الآن اعتبارهم تنظيمًا إرهابيًا، ورغم ذلك نحن لسنا ضد زيارة وفد من مجلس النواب لتصحيح الصورة- ولكن الحقيقة أن أمريكا لا يعجبها أن الجيش المصري ينوع مصادر سلاحه ويحرص على قوته، وأمريكا ترفض التقارب المصري الروسي، باختصار مصر تحرص على سيادتها، وهذا لا يروق لأمريكا التي تريدنا مجرد حلفاء تابعين «يمين.. يمين، شمال.. شمال»، هذا إضافة لموقف مصر من اليمن وسوريا وليبيا والعراق، كل ذلك لا يتماشى مع الرؤية الأمريكية، رغم أن هذه المساعدات أو ما جرى تسميته «المعونة الأمريكية» المتمثلة في حزمة المساعدات العسكرية والاقتصادية، تم تحديدها وفقًا لاتفاقية السلام الموقعة بين مصر وإسرائيل، إلا أن أمريكا أرادت استخدامها كوسيلة ضغط سياسى على مصر لتحد من طموحاتها، وهذا بالفعل سوء تقدير للعلاقة بين البلدين، يعكس عدم فهم للتحديات الكبرى التي تواجهها مصر، ويعد خلطًا للأوراق، ومؤكد أن مثل هذه القرارات الهوجاء غير السوية ستترك تداعياتها السلبية على تحقيق أي مصالح مشتركة بين مصر وأمريكا.

- وتوقيت صدور هذا القرار ليس مناسبًا على الإطلاق، ويعتبر مؤشراً على تراجع في الموقف الأمريكي تجاه مصر، فضلاً على أن هذا القرار سبب ردة فعل غاضبة لدى المصريين الذين لم يعد من المقبول بالنسبة لهم استخدام المعونة الأمريكية كأداة ضغط على الحكومة في أي شأن، والشعب المصري شعب عنيد، صلب، وقد تحمل بصمود تجميد المعونة من إدارة أوباما عقب ثورة 30 يونيو ولم يعد الآن ولا مفيداً لأي طرف استخدام فزاعات حقوق الإنسان كوسيلة للتدخل في الشأن الداخلى المصري وإغفال تضحيات الشعب المصري في مواجهة الإرهاب الذي شاركت أمريكا منذ بوش وحتى أوباما في صناعته.

- الأمر الذي يحيرنى، ويثير الجدل لدى الكثيرين، لماذا كان هذا المؤتمر الدولى الكبير العظيم بالمملكة العربية السعودية الذي حضره «ترامب» لمكافحة الإرهاب في المنطقة، وإلا فعلاً كان هدفه الوحيد «لم الغلة» حيث عاد وفى جيبه 460 مليار دولار، ولماذا لم يزر ترامب القاهرة بعد هذا المؤتمر كما زار إسرائيل بعدها مباشرة؟!

- إن قرار الكونجرس الأمريكي بحجب مساعدات لمصر تصل قيمتها إلى 290 مليون دولار يؤثر سلبًا على أمريكا أكثر من تأثيره على مصر، فقد بلغ استيراد مصر من أمريكا في عام 2010 ما يزيد على 7 مليارات دولار، أي أن المعونة الأمريكية لا تساوى شيئًا إذا ما قارنا ذلك بحجم ما تدفعه مصر في الاستيراد منها، ليت مصر تستغنى نهائيًا عن هذه المعونة.. وهذا أمر ممكن وليس مستحيلاً.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف