يوم الوقوف بعرفات يُستجاب الدعاء.. ولكن ترى بماذا يدعو كل المصريين.. فى البداية أثق أنهم سيدعون بأن تزول غمة الإرهاب.. وتنتهى آثارها حتى ينعم كل المصريين بالهناء لكى ينطلقوا ليساهموا فى إعادة بناء الوطن.. ويعوضوا ما ضاع.. وما ضاع كثير.
ولكننى أتوقع دعاءً آخر- بعد ذلك- وسوف يكون جماعياً، بسبب الأضرار التى نزلت بالناس.. بالذات فى الساعات التى سبقت وقفة عرفات ومن ثم أيام العيد.. أقصد بها موجة الغلاء غير العادية التى نزلت بالناس، كل الناس، وإذا كان القادر والغنى يعانى منها.. لنا أن نتصور ما يعانيه البسطاء والفقراء.. والحديث هنا هذه المرة ليس عن اللحمة والطيور.. فربما هذه وتلك تأكل الأعلاف المستوردة.. ولكن أسعار ما يخرج من الأرض، التى كانت دائماً تعطينا.. بأقل أسعار فى العالم.
وقد نزلت مساء الأربعاء طالباً شراء ما تيسر من طماطم وكوسة وباذنجان.. مع البصل والفلفل وشوية بطاطس ولم أقترب من الخيار!! مع بعض الليمون الأخضر، وليس البنزهير الذى كانت تشتهر به مصر.. ودفعت ما يقرب من مائتى جنيه.. دون زفر ولا لحمة.. ولا حتى شوية بلطى!! ودون شوية سمن.. وباقى التحابيش من البيت.. وعرجت على الفرن لأحمل لى ولزوجتى عدة أرغفة خشية أن تغلق الأفران أبوابها فلا نجد رغيفاً. واشتريت من الخبز السياحى- ترى هل يأكله السياح؟- والرغيف سعره 75 قرشاً.. والله وزنه أقل مما كنت أشتريه فى شبابى عندما كان الرغيف بنصف قرش!!.
واكتشفت أن أسعار كل أنواع الخضار قفزت- فجأة- إلى الضعف.. نعم للضعف ليس فقط الطماطم حتى لا نقول: مجنونة يا طماطم.. طيب: ماذا يأكل الناس. وحتى إذا قاطعوا اللحم.. وتناسوا طعم البط.. وتوحموا على فرخة مشوية.. أو كيلو بلطى تربية مزارع.. فهل يقاطعون الخضار أيضاً؟.
وأعلم أن عيد الأضحى «عيد أكل» ولكن العيب ليس فقط فى الجشعين من التجار.. ولكن العيب كل العيب فى الحكومة.. سواء من ذهب فيها ليؤدى فريضة الحج أو من بقى. نعم: الفلاح الآن يريد- هذه الأيام- أن يربح قليلاً يعوّض به بعض خسائره.. ولكن هل العيب فى تاجر الجملة.. ونصف الجملة.. أو ربع الجملة.. أم هو فى تاجر التجزئة.. الذى يدعى أنه غلبان، وعلى باب الله!! والكل يتعلل بزيادة أسعار الوقود وتكاليف النقل وارتفاع أجور العمال وغيرها، ولكن ليس إلى حد تضاعف الأسعار.
هنا تأتى الحكومة.. ويأتى دورها.. ومع تقديرى لدور القوات المسلحة.. بما تطرحه من لحوم بنصف الثمن.. وبعض الخضروات.. وأيضاً لما يقوم به وزير التموين الدكتور على المصيلحى.. لكننى أرى جهد وزارة التموين- فى جولات مسؤوليها- يتركز على عبوات الصلصة، وأكياس المكرونة، وزجاجات الزيت.. ولكن ماذا عن أساسيات ما يأكل الناس.
■ ■ وكان يجب على الحكومة- وقبل الهنا بسنة- يعنى قبل العيد أن تلزم التجار بتسعيرة محددة.. وأن تكلف رجالها بالبقاء فى الأسواق لمراقبة التزام التجار.. ولكن لا أعرف الحكمة فى أن الحكومة ترفض فكرة التسعيرة الجبرية. وكل الشواهد تقول إنها مع التجار.. وليست مع الناس.
■ ■ وإذا كان الناس منهم من سيأكل خضاره «أورديجى» يعنى دون لحمة أو زفر.. فهل منهم من لن يجد هذا الخضار الأورديحى أيضاً.. خصوصاً أن الجشعين أمسكوا أيديهم وتعمدوا حجب الخضار بهدف تعطيش السوق منه.. ثم نزلوا بما خزنوه.. ولكن بأسعار زاد أقلها 50٪ وزاد أكثرها بنسبة 100٪.. وإذا كان من الناس من يقولون للجزارين: كلوها أنتم.. فماذا عن الخضار الأورديحى.
■ ■ ألستم معى فى أن المصريين يدعون على الحكومة هذه الأيام.. حتى تدخل النار بسبب عجزها عن تأمين السلع.. والأهم تحديد أسعارها ليجد الناس ما يأكلونه.. فى هذا العيد المفترج.
يا الله ادعوا معنا- ولو- بالقول: يا عزيز يا عزيز كبة تاخد الإنجليز.. والإنجليز هنا هم التجار.. دلوعة الحكومة!!.