الجمهورية
مدبولي عثمان
دائرة الوعي .. الإصلاح.. والغيبوبة الحضارية
نتفق جميعا كمصريين . حكاما ومحكومين . أن بلدنا تمر بظروف صعبة . ونتفق أيضا علي أن المعاناة من تلك الظروف تطولپ الجميع ولكن بدرجات متفاوتة . فالغالبية العظمي الفقيرة تعاني من صعوبة الحياة . أما الأقلية القادرة فيقلقها . بل يخيفها النظرات الصامتة المكبوتة للمحتاجين . ويخشون من الصراع المجتمعي الناجم عن إختلال العدالة الاجتماعية .
ولكننا نختلف في طريقة التغلب علي تلك الصعاب وكيفية الخروج من الأزمة . فالبعض يغرق في التشاؤم خاصة الشباب ويري أنه لا يوجد مخرج . وفريق ثان مغرق في التفاؤل ويري أن الأمور وردية وأنها " شدة وحتعدي زي اللي قبلها". وأري أن الفريقين علي خطأ . وأؤيد الفريق الثالث الذي يري أن اصلاح الاوضاع ممكن بشرط توافر الجدية والإرادة . وإستثمار الجوانب الإيجابية الموجودة لدينا والتي أري أنها كثيرة ولكن يحول الفساد وسوء الادارة من تحويل الايجابيات إلي طاقة تتحرك لمواجهة الجهل والفقر. وأبسط مثال علي ما نقول صعود الفاسدين في سلم الترقي الوظيفي رغم أن تاريخهم الأسود معروف. وانزواء المجتهدين والمبدعين لانهم يتفرغون لعملهم وليس لديهم وقت للتزلف إلي المسئولين ولا يجيدون سبل إختراق القيادات والوصول إلي قلوبهم وعقولهم بطرق غير مشروعة.
وآمال الفريق الذي يريد الاصلاح ليست مجرد أحلام واهية . ولكنها تستند علي واقع تاريخي قوي وعميق يمتد إلي آلاف السنين حيث التراث الحضاري لأجدادهم المصريين القدماء الذي لا يزال حتي الآن يبهر العالم . يقول الدكتور وسيم السيسي عالم المصريات في كتابه القيم "مصر التي لا تعرفونها" أنه شاهد سيدة بريطانية تقف في جناح "علم الآثار المصرية EGYPTOLOGY" في المتحف البريطاني بجوار جمجمة بشرية أجريت عليها عملية تربنة منذ الفي عام قبل الميلاد وبجوارها لوحة كتب فيها " أول جراحة مصر في التاريخ . مصر الفرعونية ". وعندما أعربت البريطانية عن دهشتها ردت عليها قائلة :" إنه شيء يصعب تصديقه في الزمن البعيد السحيق . ولكنها كانت أول حضارة عرفها التاريخ ".
ورصد الدكتور وسيم في كتابه أقوال كثيرة تمجد المصريين القدماء ومساهماتهم في بناء الحضارة الإنسانية ومنهم عالم المصريات وارن داوسن الذي قال :"إن أسس العلوم جميعا . خاصة الطب .وضعت في مصر منذ 50 قرنا من الزمان ". ونقل وسيم عن العالم الفرنسي فرانسوا شامبليون. الذي فك رموز اللغة المصرية القديمة بعد استعانته بحجر رشيد . قوله : " يتداعي الخيال ويسقط بلا حراك تحت أقدام الحضارة المصرية القديمة".
نستمد طاقة النهضة من أجدادنا الذين أدركو قبل آلاف السنين أهمية العلم والاختراع في نهضة الأمم . ويقول الحكيم مانيتون أول مؤرخ مصري قديم حاول كتابة تاريخ مصر : " كان عدد علماء الجامعة عندنا مائة . وكان الترقي بالإنجاز أو الكشف العلمي الذي يقدمه الباحث . وكان الباحث يطرد من الجامعة إذا في تحقيق إنجاز علمي في بحر 5 سنوات من عمله".
هؤلاء أجدادنا فمتي يفيق المصريون من "الغيبوبة الحضارية " كما يقول الدكتور وسيم؟! . ومتي ندرك ان " جذور الإنسان أي إنسان هي التي تدعم كيانه وتحافظ علي تماسكه واستمراره".
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف