الدستور
ماجد حبته
أحزاب تهاني العيد!
الحزب «الدستوري الاجتماعي الحر» تقدّم بأسمى التهاني للشعب المصري والأمّتين العربية والإسلامية والرئيس عبدالفتاح السيسي والحكومة والجيش والشرطة وجميع مؤسسات الدولة المصرية، بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك. وأضاف تيسير مطر، رئيس الحزب، في بيان، أنه يخص بالتهنئة «أهالينا في جميع قرى ونجوع وحضر وريف مصر، داعيًا الله أن يحفظ مصر من كل شر وسوء»!.



لو سألتني: «ماذا تعرف عن هذا الحزب؟»، فلن أرد عليك، حتى لا أحرج رئيسه أمام نجله «محمد»، أمين لجنة الشباب بالحزب. وحرصًا على ألا يشمت فيه شقيقه «تحسين» الذي نافسه بشراسة في الانتخابات البرلمانية الماضية، عن دائرة دار السلام، وكانت بينهما اتهامات متبادلة: «تحسين» اتهم شقيقه بالانتماء للحزب الوطني المنحل، فردّ «تيسير» بأن شقيقه كان متقدمًا للترشح على قائمة الحزب الوطني، وأن المجمع الانتخابي للحزب استبعده، واختار أكمل قرطام!.



لا علاقة لنا بما دار بين الأشقاء من معارك، فـ«مصارين البطن بتتعارك»، أما ما يعنينا فهو أن هذا الحزب، الذي قد لا تكون سمعت أو قرأت اسمه من قبل، واحد من عشرات الأحزاب السياسية الشرعية أو القانونية، ستحصل على جائزة برونزية لو استطعت أن تذكر أسماء خمسة منها، وعلى جائزة فضية لو ذكرت عشرة، ولن تحصل على الذهبية لو كانت ذاكرتك تحتفظ بأكثر من ذلك، لأنني وقتها سأموت من الفرحة أو من «الخضّة»!.



صعب جدًا أن تجد من يعرف أسماء عشرة أحزاب، مع أن ١٩ منها لها مقاعد بالبرلمان. والأكثر من ذلك، هو أنني عجزت عن معرفة العدد الفعلي لتلك الأحزاب!. دراسة عنوانها «خريطة الأحزاب السياسية الحالية» أصدرتها لجنة شئون الأحزاب، في ٢٨ سبتمبر ٢٠١١، ذكرت أن عدد الأحزاب الرسمية ٤٧، منها ٢٣ تم تأسيسها قبل ٢٥ يناير ٢٠١١ و٢٤ بعدها. وبوابة معلومات مصر، التابعة لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تقول إنها ٨٣ حزبًا.. وهي ٩٠ حزبًا في دراسة للدكتور أحمد أبو الحسن زرد، عنوانها «النظام السياسي المصري وتحولاته في خمس سنوات (٢٠١١- ٢٠١٦)»، نشرتها الهيئة العامة للاستعلامات.



من ٤٧ إلى ٨٣ إلى ٩٠ ثم قفز الرقم إلى ١٠٦ طبقًا لما نشرته جريدة «الأهرام»، في ٢١ يوليو ٢٠١٥، نقلًا عن «استطلاعات رأي أجرتها عدة مراكز بحثية ذات ثقة والتي أوضحت أن شعبية الأحزاب والقوى السياسية متدهورة وخارج الخدمة». وكان تفسير ٩٥٪ من المستطلعة آراؤهم هو أن «كل الأطر الفكرية للأحزاب المصرية الـ١٠٦ جامدة وبعيدة عن الواقع وعن مشاكل وقضايا المجتمع الحقيقية وما يواجهه من تحديات، ووصفوا برامج تلك الأحزاب بأنها منشورات لا تعبر عن مضمون حقيقي».



هل تصدق أن لدينا حزبًا اسمه «مصر الحرية»، وآخر اسمه «الحرية» فقط؟!

صدق أو لا تصدق «مش مهم»، فالواقع يقول إن لجنة الأحزاب السياسية وافقت في اجتماعها يوم ٣ يونيو ٢٠١٢ على تأسيس حزب مصر الحرية وتمتعه بالشخصية الاعتبارية وحقه في مباشرة نشاطه السياسي اعتبارًا من ٤ يونيو ٢٠١٢. واختير وكيل مؤسسيه عمرو حمزواي رئيسًا للحزب، قبل أن يخلفه، في ١٧ ديسمبر ٢٠١٥، تامر سحاب الذي فاز بالتزكية، بعدما لم يترشح أحد من أعضاء الحزب لمنافسته!.



عليك أن تنتبه جيدًا، وألا تخلط بين حزب «مصر الحرية» وحزب «الحرية» فقط!. والثاني وافقت عليه لجنة الأحزاب في ٣ يوليو ٢٠١١، بعد إخطار تقدم به معتز محمد محمود علي، وكيلًا عن مؤسسي الحزب، وخاض انتخابات مجلس الشعب ٢٠١١- ٢٠١٢ وفاز فيها بـ٥ مقاعد، ثم قام الحزب بحل نفسه في سبتمبر ٢٠١٢ وأعلن مؤسسه أنه اندمج «بصورة نهائية» في إطار مشروع حزب «المؤتمر المصري»، لتكوين حزب واحد، «بحيث يسمح له بمنافسة قوية في الحياة السياسية والانتخابات البرلمانية والمحلية المقبلة». لكننا فوجئنا بخروج الحزب من الاندماج، وبخوضه انتخابات ٢٠١٥ التي حصد فيها ٤ مقاعد!.



لا يصح أن نتحدث عن خيبات الأحزاب، دون أن نتوقف عند خيبة «حزب الدستور» الثقيلة، بعد أن فاتت سنة و٤ أشهر على موعد تحقق النبوءة الأولى، و٤ أشهر على النبوءة الثانية. الأولى، كانت وقت إعلان تأسيس الحزب يوم ٢٨ أبريل ٢٠١٢ بنقابة الصحفيين. والثانية، كانت في ٣ مايو ٢٠١٣، وقت انتهاء عملية فرز أصوات انتخابات الحزب الداخلية. والنبوءتان أعلنهما المدعو محمد البرادعي، مؤسس الحزب ورئيسه الأسبق، وتحملان المعنى نفسه: حزب الدستور سيحكم مصر، بعد ٤ سنوات!.



لو كنت في غيبوبة طوال السنوات الماضية، وسألتني عما تحقق من ذلك؟! فسأقول لك: «ولا أي حاجة»؟!. أما لو لم تكن في الغيبوبة، فقد لا تعرف أيضًا شيئًا عن الحزب، وقد تشكك أساسًا في وجود حزب بهذا الاسم. الأمر الذي يجعلني مضطرًا إلى توضيح أنه تحول إلى «خرابة» يتنازع على رئاستها اثنان منذ أشهر!. ومؤخرًا، ظهرت مبادرة لحل الأزمة أو إنهاء الصراع داخل الحزب، اسمها «مبادرة سفراء الحزب» تقضي بتعديل اللائحة وإجراء انتخابات جديدة، على أن يتم التنازل عن الدعاوى القضائية التي أقامها كل طرف ضد الآخر!.



العيد فرحة وفسحة ومراجيح وفرصة للأحزاب الـ٨٣ أو الـ٩٠ أو الـ١٠٥، كي تصدر بيانات تهنئ فيها بلدها و«حبايبها» والمجتمع والناس والرئيس والحكومة وكل مؤسسات الدولة، أملًا في أن تجد تلك البيانات طريقها إلى النشر، فيفرح رؤساء الأحزاب بنشر أسمائهم وصورهم في جريدة أو موقع إلكتروني، وبالتالي تكتمل بفرحتهم فرحة العيال!.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف