الجمهورية
صلاح الحفناوى
رجع الصدي .. سوريا.. التي كانت!!
كل عام وانتم بخير.. كل عام وانتم في أمان وطمأنينة.. كل عام وأنتم في وطن عزيز كريم يتحضن أبناؤه بدفء رغم الجراح والألم.. كل عام وانتم تنعمون بالسلام ونعمة السكينة.. تخرجون إلي الحدائق بلا خوف.. تسهرون حتي تباشير الفجر بلا خوف.. تتزاورون وتتبادلون التهاني وتعيشون فرحة العيد بلا خوف.
الغلاء القي بظلاله علي الفرحة؟.. الفساد الذي ينخر كالسوس في جسد الوطن القي بظلاله علي الفرحة؟.. الفوضي العارمة القت بظلالها علي الفرحة؟.. ولكن تبقي في قلوبنا مساحة للفرح وفي نفوسنا متسع للبهجة.. فيما تتسلح مشاعرنا بمساحة واسعة من الأمل.. مساحة لا يشعر بها اشقاء لنا في دول ليست بعيدة عنا: في ليبيا.. في اليمن.. في العراق.. وفي سوريا الحبيبة.
نعمة نعيش فيها لا يعرف قيمتها ولا معناها سوي من عاش تجربة الألم والدم والدموع في سوريا الشقيقة.. سوريا التي كانت قبل الربيع العبري واحة الأمان وجنة الله علي أرضه.. سوريا التي كانت قبل مؤامرة المليشيات التي تسعد لي "الديموقراطية" الأميركية والحرية البريطانية والعدالة الإسرائيلية بالدماء والمجازر.. تعيش أزهي عصورها.. وكنت شاهد عيان علي ذلك.
زرت سوريا الحبيبة مرات ومرات.. عشت فيها أجمل أيام العمر.. شاهدت مظاهر الجمال فيها وتمتعت بها وعشت تفاصيلها.. أذكر انني ذهبت بصحبة صديقي المقيم في اللاذقية.. المحامي القدير حاتم الخزندار .. إلي كسب.. وكسب منتجع جبلي يرتفع عدة آلاف من الأمتار فوق سطح البحر.. كان الطريق إلي أعلي الجبل مليء بالمنحنيات التي تحمل أرقاما.. وعند المنحني الخامس والأربعين.. توقفنا.. قال مرافقي: هنا وقف جمال عبدالناصر.. هنا نظر إلي الافق البعيد وقال مقولته الشهيرة "أظن أن هذه جنة الله علي أرضه.. خضرة علي مرمي البصر تمثلها غابات شجر الأرز الممتدة.. ومياه البحر الفيروزية.. والسماء الصافية النقية.. هي جنة الله علي الأرض.. رددتها كما رددها الزعيم الخالد.. واستكملنا رحلة الصعود إلي قمة الجمال والسحر.
زرت سوريا قبل سنوات الربيع العبري.. قبل أن تمتد إليها أيادي التخريب والهدم.. شاهدت صلنفة وبلودان وعين الفيجي.. انبهرت بمعالم دمشق التاريخية.. رأيت خيرات الأرض تفوق كل ما نعرفه في عالمنا العربي.. سلة فواكه يصعب حصر محتواها.. كرز. مشمش. لوز أخضر. برقوق. تفاح. عنب. خوخ. تين. بطيخ.. وعشرات الأصناف الأخري مما يصعب حصرها.. مطاعم بالنكهة السورية التي لا تعترف بمطاعم الوجبات السريعة علي الطريقة الغربية.. منتجات سورية لا تعترف بغير الانتاج المحلي ولا تقبل الاستيراد.. كل شيء كان سوريا خالصا.. من المياه الغازية والسجائر إلي الثلاجات وأجهزة التكييف مرورا بالأدوية والمنسوجات والمنتجات التراثية والأجهزة الإليكترونية.
رأيت شعبا طيبا ودودا مرحبا.. رأيت نظاما لا يعترف بالحدود ولا يعرف تأشيرات الدخول لأي عربي مهما كانت جنسيته أو هويته.. رأيت وطنا أبوابه مفتوحة للجميع بلا تمييز أو انتقاء.. وطنا بلا بطالة.. ينعم شعبه بأجور حدها الأدني خمسة أضعاف الحد الأدني في بلاد أخري.. في دولة لا تملك من الموارد الطبيعية سوي الغابات الشاسعة والجبال الشاهقة والسحر الطبيعي الخلاب.
سوريا التي كانت.. أحببتها وأحببت شعبها وأحببت نظامها الذي سمح لي بالدخول بلا تأشيرة.. فهل تتعافي بعد طول معاناة؟.. أري تباشير الفجر ورايات النصر ترفرف عليها.. ولا أملك سوي الدعاء لها ولشعبها بالعودة إلي ما قبل الربيع العبري.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف