الأخبار
اسامة عجاج
فواصل - إيران.. الخطر الأكبر !
ناقشنا في المقال السابق، كيف استفادت تركيا من أزمة قطر مع كل من مصر والسعودية والامارات والبحرين، في تعزيز وجودها ودورها الإقليمي، وفي هذا المقال الثاني، نحاول ان نرصد الضلع الثاني من معادلة الازمة، وهي بالطبع ايران، فهي أحد عناوين الازمة، وأحد مطالب الدول الاربعة تخفيض مستوي العلاقة بين الدوحة وطهران،والواقع يؤكد أن ايران اكثر المستفيدين علي كافة المستويات من الازمة، وسأكتفي برصد الوقائع قبل الازمة وبعدها،بعيدا عن التسريبات او المعلومات غير الموثقة، والامانة تقتضي الإشارة إلي ان التعاون بين البلدين ليس وليد اليوم، ولكنه تعزز منذ عام ٢٠١٠ بعد اول زيارة لأمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة إلي طهران، حيث تم التوافق علي عدد من الاتفاقيات التي تشمل التعاون في العديد من المجالات، ووصل الامر في عام ٢٠١٥ وبعد عدد من الاجتماعات إلي عقد اتفاقية دفاع مشترك بين البلدين.
وتقدمت العلاقات بين البلدين إلي الامام بعد الازمة مباشرة، حيث أكد الرئيس الايراني حسن روحاني بعد أيام من الازمة، الاتفاق علي تعزيز التعاون مع قطر الشقيقة، كما قال، أضاف بأن»‬ هناك أرضيات وطاقات كبيرة لتعزيز التعاون علي الصعيدين السياسي والاقتصادي»، بعد انحياز طهران منذ اللحظة للازمة إلي الجانب القطري علي مستويات عديدة، منها الجوار الجغرافي والشراكة في حقل الشمال الأكبر في العالم للغاز، ناهيك عن وجود ٣٠ ألف ايراني ضمن الجاليات العربية والإسلامية العاملة في قطر، لقد كان الانحياز الايراني لقطر في الازمة واضحا، عندما اكد محمد جواد ظريف وزير الخارجية، بأن الاكراه ليس هو الحل ابدا، واشار إلي ان الحوار حتمي، مشيرا إلي ان الجيران دائمون ولايمكن تغييرهم بالجغرافيا، وبدأت الخارجية الايرانية تحركات نشطة للتنسيق ولدعم الموقف القطري مع تركيا،وعدد من الدول التي تتخذ نفس الموقف، وقد زار ظريف اسطنبول بعد اندلاع الازمة للتنسيق مع الجانب التركي، كما اجري اتصالات مع العديد من نطرائه في دول العالم لدعم الموقف القطري، كما ألقت الخارجية الايرانية باللوم علي السعودية في هذه الازمة،
وعلي الصعيد الاقتصادي، رأت ايران في الازمة وقطر كنزاً لا غني عنه، حيث تم تخصيص ميناء بوشهر كمركز للتبادل التجاري، نظرا لقرب المسافة بين الجانبين، حيث اصبحت ايران بديلا عن دول الخليج في تصدير حوالي ١٠٠ طن يوميا من الفاكهة والخضر، ويتم استخدام الطائرات والسفن الصغيرة في تصدير مواد أخري، وارتفعت ارقام الصادرات الايرانية إلي الدوحة إلي حوالي مليار دولار لقطر بعد الازمة بعد ان كانت حوالي مائة مليون فقط.
فوائد الازمة لإيران استراتيجيا اكثر من ان تحصي،وفي المقدمة منها تراجع الجهد الذي تم بذله منذ مدة ليست قصيرة، لتحقيق هدف اسمي وهو ترتيب البيت السني في مواجهة المد الشيعي، الذي تشهده عدد من الساحات العربية في سوريا ولبنان واليمن، فالازمة خلقت محورا سياسيا مهما يضم كلا من ايران »الشيعية »‬ وتركيا »‬السنية »‬ اللذين تجاوزا خلافاتهما في الفترة الماضية، وبدأت مرحلة جديدة من التعاون والتنسيق في دعم قطر من جهة، او الهجوم غير المسبوق علي الامارات وسياساتها في المنطقة، كما ظهر في تصريحات العديد من المسئولين الإيرانيين، وفي مقدمتهم الرئيس حسن روحاني نفسه.
لقد نجحت المصالح الاقتصادية والفوائد الاستراتيجية، في انهاء وجود تنامي تيار بين النخبة الايرانية وبعض دوائر اتخاذ القرار في ايران، الذي حذر في بداية الازمة من الانخراط اكثر فيها
او التورط الكبير والمباشر، ويعتمد في ذلك علي العديد من الاسباب، باعتبار أن ايران قد تكون هي الهدف في نهاية الامر، ويرفض هذا التيار ان يتم استخدام ايران كورقة في هذا الصراع، لصالح أي من طرفيه، مع عدم تجاهل طموحات قطر وتحركاتها السابقة ضد المصالح الايرانية، في العديد من الساحات ومنها الساحة السورية، كما ان امريكا لن تسمح لإيران بتوسيع نفوذها في قطر علي عكس ماحدث في ساحات أخري، سوريا والعراق ولبنان واليمن، كما ان وجود قاعدة العيديد يمثل اصلا تهديدا للامن القومي الايراني، وهي مؤهلة لاستخدامها ضد ايران في حالة اندلاع أي صراع عسكري في المستقبل،باعتبارها أكبر مخزن سلاح أمريكي في المنطقة، وبإمكانيات وقدرات عالية.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف