الجمهورية
سامح محروس
رؤية جديدة لمفهوم الفساد
لا حديث يشغل اهتمام المصريين حاليا أكثر مما يتم الإعلان عنه بين الحين والآخر عن جهود رجال الرقابة الإدارية لاقتلاع بؤر وجذور الفساد. ومطاردة شبكاته وخلاياه في مختلف ربوع الوطن.
والإعلان عما يتم كشفه من قضايا فساد أمر في منتهي الأهمية لعدة أسباب:
* أولها: أنه يمنح الدولة مصداقية في أنها عازمة علي ضرب كل صور وأشكال استغلال النفوذ.
* وثانيها: أنه يقدم رسالة ردع لكل فاسد أو مشروع فاسد بأنه لن يستمتع بما حققه من كسب حرام. وأن مستقره سيكون خلف القضبان.
ولكن تبقي مشكلتنا الحقيقية أن النخبة التي تملأ الدنيا حديثاً عن ضرورة مكافحة الفساد هي أكثر من تمارسه. تماما مثلما تتحدث "العاهرة" عن الشرف مثلاً. أو حينما يسعي كفيف لعمل عملية جراحية لمريض. فالنتيجة في كل الأحوال تتمثل في حديث فاقد لمحتواه وقيمته وبالتأكيد تأثيره.
مصر لديها جهاز من أعلي الأجهزة الاحترافية علي مستوي العالم في مكافحة الفساد. وهو هيئة الرقابة الإدارية التي يقوم رجالها بدور وطني بطولي لا يقل في أهميته وخطورته وحساسيته عن جهود مكافحة الإرهاب. يقود هذه الجهود واحد من أكثر الناس إخلاصاً وتفانيا في العمل. وهو السيد الوزير اللواء محمد عرفان رئيس هيئة الرقابة الإدارية. يعاونه في ذلك نخبة من أنبل الفرسان الذين يقومون بدور رقابي احترافي في كل مؤسسات الدولة..
وكان الله في عون اللواء محمد عرفان ورجاله. فهم يسيرون في طريق طويل.. وطويل جداً.. ولكن حسبنا أن طريق الألف ميل يبدأ دائماً بخطوة.. وها هم قد بدأوا.. وساروا فيه خطوات وخطوات..
وأتمني أن تطرح هيئة الرقابة الإدارية رؤية وطنية من خلال حوار مجتمعي لوضع مفاهيم أكثر تطوراً للفساد تتجاوز حدود التعريف الكلاسيكي للفساد بأنه: "هو كل استخدام للسلطة العامة لتحقيق أغراض خاصة"
فالسلوك الفاسد تطور وتمحور وأصبح يتخذ أشكالاً كثيرة أكثر تعقيداً والتفافاً من مجرد موظف مرتشي "أخذ قرشين في جيبه".. شأنه في ذلك شأن الفيروسات المرضية مثل فيروس الانفلونزا الذي رأيناه مؤخرا يتخذ أشكالا ومسميات تتخذ صورا أشد قسوة وعنفاً عن الانفلونزا بصورتها الكلاسيكية المألوفة..
إهدار مبدأ تكافؤ الفرص في الاختيارات فساد.. إساءة اختيار من يتم اسناد المواقع المختلفة لهم فساد.. تجاوز القانون العام للدولة الذي يقضي بأن يتم الاختيار بين المتنافسين فساد.. عدم الالتزام بالشفافية والوضوح في اتخاذ القرارات المختلفة فساد..
هذه كلها سلوكيات مريضة يدفع المجتمع ثمنها.. وأثق في أن حوارا مجتمعيا تقوده الرقابة الإدارية يمكن أن يشكل بداية قوية وفعالة لمحاصرة كافة أشكال وصور السلوك الفاسد.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف