** كلام كتير يمكن للمصريين قوله حول أوضاع السكة الحديد.. كيف تراجعت من ثاني مشروع من نوعه في العالم إلي هذه المكانة المتردية.. خدمة متدنية.. جرارات وقطارات تفتقد الصيانة الحقيقية.. خسائر متراكمة بالملايين.. حوادث كارثية تحول القضبان البيضاء إلي سيوف وخناجر تحصد الرءوس والأرواح بسبب خطأ بشري حيناً.. أو فني حيناً آخر.. أو قدري كما ينتهي به عادة عمليات البحث عن السبب الحقيقي لما حدث.
** السكة الحديد هي عامود الخيمة في المواصلات العامة علي أرض الكنانة.. تمتد خطوطها من الإسكندرية شمالاً إلي أسوان جنوباً.. مروراً بوصلات وخطوط تتجه إلي بورسعيد ومرسي مطروح والوادي الجديد والأسماعيلية والمنصورة والسويس.. وتتركز محطاتها الرئيسية بين محطة مصر "باب الحديد" والجيزة وبنها وقليوب والزقازيق وأسيوط وأسوان.. بعضها يسير ضمن شبكة كثيفة من القضبان والمحولات والمزلقانات.. والآخر خط مفرد وحيد.. يذهب إلي الضواحي ليعود بالركاب البسطاء إلي المدينة الرئيسية.. حيث يعملون أو يدرسون.. أسماء القطارات تتعدد بين الأسماء الرسمية مثل الطوال والمناشي والتجديد.. والموصل إلي ورش أبو راضي والأخري المخصصة للصيانة وفحص القطارات.. وبعضها من اطلاق المجهود عليه.. الذي انتقل زمان بالوابور الأسود العامل بالفحم وغني له كبار المطربين.. يا وابور قوللي رايح علي فين.. إلي المجري الذي كان أول من استخدم المازوت ثم السياحي والفاخر والنوم والضواحي والمتميز والقشاش "قطار الدرجة الثالثة المتهالك" وغير ذلك من الأسماء التي قد يعرف أسرارها قائدو القطارات ومساعدوهم من العطشجية وعمال الدريسة والتخزين.. وسط هذه المنظومة ينبغي الإشارة إلي جهد جدير بالتسجيل والتأثير.. محاولات رسمية للنهوض بقطارات البضاعة لتصل إلي المواني الرئيسية وباقي الأنحاء.. قريباً من قلاع الصناعة والبناء.. حتي نخفف من عبء التكاليف العالية لسيارات الشحن الضخمة.. ناهيك عن تأثيرها السلبي علي سلامة وأمان ومتانة الطرق البرية.
** علي أية حال حوادث السكة الحديد والتي ابتعدت عن طرافة المحامي الذي سقط من قطار اسيوط في التسعينيات.. قابلها المسئولون والرأي العام بالاتهام المتبادل.. والحديث الصريح عن خسائر بالملايين.. تتتابع.. وأموال ضخمة بالمليارات تتطلبها عمليات الإنقاذ.. وقوائم متعارضة القوة الضاربة من جرارات وعربات وما نعاني منه من أمراض.. لا تجدي معها الصيانة ولابد من التجديد.. رئيس الهيئة ترك موقعه علي خلفية حادث قطار خورشيد.. وفيديو انتشر علي شبكة التواصل الاجتماعي لمجموعة سائقين يركبون جرارا ويدخنون الممنوعات.. قدمه واحد من زملائهم للمسئولين.. ونستطيع أن نصف الضجة هذه المرة بالإيجابية.. إذ أتاحت الفرصة للرأي العام للتعرف علي اتفاقيات وخطط لتأمين جرارات حديثة.. وتأهيل القديمة الموجودة في الورش للصيانة.. والتأكيد ألا يخرج جرار للخط المقرر.. إلا بشهادة عن طريق الإصلاح والصيانة وإعلان الوزير عن تخصيص مليار دولار للإسراع بإنجاز الإشارات الكهربائية ومليار جنيه للصيانة العاجلة ولقاء مثمر مع عمال الورش للحديث معهم.. والتأكيد علي الصيانة العاجلة لتحسين الخدمة كأولوية أهم من تطوير وتجميل المحطات.. فيما عدا مد أطوال الأرصفة لتستوعب الركاب جميعاً بلا حوادث.
** وإذا كانت الأمور قد هدأت نسبياً.. في مازال الركاب يشكون من تأخير ملموس في مواعيد تحرك القطارات.. والشكاوي من حالة القطارات والجرارات.. ومستوي الخدمة والنظافة بالعربات ويتعلق أمل الجميع بالإنقاذ العاجل.. وهنا مربط الفرس.. علينا الاعتراف بشجاعة بما وصلت إليه حالة الخدمة التي وصفها البعض "بالحضيض".. وأيضاً لا نستطيع إيقاف الخدمة لأنها تمثل الأولوية الأولي للانتقال بين أنحاء البلاد.. وتتفوق علي وسائل النقل الجماعي المتاحة.. وأسعار تذاكرها أقل.. حتي لو تسرب بعضها للسوق السوداء.. كما ان ملفاتها معروفة الصفحات والوقائع.. تتواكب مع تاريخ تجددت فيه حوادث تصادم القطارات وسقوط الجرارات والعربات.. واشتعال الحرائق وأحياناً الماس.. وبالمقابل لدينا الخبراء والأساتذة والعلماء والمسئولين المخلصين.. أصحاب الدراية والفهم للمشكلة المأساة.. وأفضل الطرق لحل جذري.. وان امتد لمراحل وخطة خمسية.. تتحسن فيها الخدمة تدريجياً.. سواء بتوفير الاحتياجات أو اجتذاب المواطن نستخدم الوسيلة إلي الجانب الإيجابي.. والمساندة إذا ما عرف الحقيقة كاملة.. ونتحدث هنا عن التأهيل خلال التشغيل.. وفقاً لخريطة معلنة عن اقتصار لبعض الخطوط هنا.. وتباطؤ بعضها الآخر هناك.. وتوزيع عادل للجرارات والعربات الجديدة علي جميع الخطوط.. حسب التقارير الفنية لحالتها.. واحتمالات الدخل المتزايد.. باستثناء المحطات في فتح المنافذ والمحال التي يحتاج إليها الركاب.. كل ذلك وغيره مما تتوصل إليه لجنة الإنقاذ التي ينضم إليها خبراء سابقون في هيئة السكة الحديد.. تضعنا علي طريق الحل.. والإجابة للسؤال.. يا وابور قوللي رايح علي فين.