ماذا أصاب لغة الحوار في حياة المصريين؟ في وقت شهدت السنوات العشر الأخيرة تطورات هائلة في مجال الاتصال ووسائله فظهرت الأجيال الحديثة من الأقمار الصناعية الرقمية. وبقدر ما أسهمت تكنولوجيا الاتصال والمعلومات في توسيع حرية التعبير بقدر ما فتح الباب علي مصراعيه أمام الانتهاكات الأخلاقية التي أضحت من سمات المجتمع والعاملين في مجال صناعة الصحافة والإعلام.
وفي هذا الصدد برز اتجاهان للتعامل مع هذا الواقع المؤلم.. الأول يتعامل مع ثورة الاتصال بقدر كبير من الانبهار والتفاعل.. الثاني يرصد المشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية الناتجة عن ثورة الاتصال.
ما تتميز به لغة الحوار الآن في مصر هو غياب المصداقية وانحيازها الواضح إلي قوي السيطرة والهيمنة في المجتمع علي حساب الناس أصحاب المصلحة الحقيقية في أن يروا مشكلاتهم في أوراق الصحف وعلي شاشات التلفزة.
علينا أن نقر أن لغة الحوار في المجتمع قد تراجعت كثيراً سواء علي مستوي الكلمات أو الألفاظ وتسربت إليها لغة أقل ما توصف أنها فقدت رشاقتها وشفافيتها وكل جمالياتها وترفعها ووصلنا إلي ذلك المستوي المتدني من البذاءات ومواقع التواصل خير شاهد علي ذلك.
في الماضي كانت لدينا لغة راقية عبرت عنها السينما والدراما وكلمات الأغاني وكان أحمد شوقي ورامي والمازني وحسين السيد ومرسي جميل عزيز وبيرم التونسي ومأمون الشناوي وصلاح جاهين وعبدالوهاب محمد والأبنودي. ولا أنسي المواجهات الفكرية بين طه حسين والعقاد والتي قرأتها عن ظهر قلب في صباي وكذلك ديوان إبراهيم ناجي.
وهكذا كانت لغة الحوار في المجتمع المصري تصل إلي آفاق بعيدة بين النخبة المصرية فضلاً عن كونها تعكس صورة الواقع الثقافي ودرجة الترفع والوعي والإبهار.. وبما أن كتاب مصر في الماضي كانوا رموزاً في الحياة السياسية فانعكس هذا بدوره علي السياسيين ممن يقودون الأحزاب.
وإذا بحثنا كثيراً فنجد لغة خالد محمد خالد في الحوار الراقي وفيه تجتمع جماليات اللغة في أجمل صورها مع حداثة الفكر في أعلي درجاتها وكيف اجتمع الدين مع الإبداع عارضاً قضايا الإنسان في الحرية والحياة. وهنا لا أنسي اللغة الراقية التي تعامل بها كتابنا مثل توفيق الحكيم ونجيب محفوظ ويوسف إدريس حين كتب الحكيم سلسلة مقالاته بعنوان حديث مع الله وعليها رد شيخنا ومعلمنا الشيخ الشعراوي بحوار مقنع ورائع وعميق رغم خطورة القضية.