المساء
مؤمن الهباء
أغرب استفتاء في مصر
لا أدري إن كان الأخ محمد أنور عصمت السادات رئيس حزب الاصلاح والتنمية يعني فعلاً ما يقول حين دعا إلي إجراء استفتاء لتعديل الدستور وإلغاء وجود مجلس النواب وصلاحياته أم أنه كان يمزح.. أو ربما كان يقصد باقتراحه الغريب هذا.. والذي لم يسبق له مثيل في مصر.. الضغط من أجل تسريع الخطي لاجراء الانتخابات البرلمانية في أقرب وقت.. لكن المؤكد ان "الشروق" أخذت الموضوع علي محمل الجد.. ونشرته بشكل رصين بما يعني أن الدعوة إلي الاستفتاء لاهزل فيها.
تقول "الشروق" في عدد الاربعاء الماضي إن محمد أنور السادات انتقد تسويف الحكومة في إجراء الانتخابات البرلمانية بمبررات اعتبرها واهية.. واقترح بدلاً من ذلك الدعوة إلي اجراء استفتاء علي تعديل الدستور لالغاء وجود مجلس النواب وصلاحياته وكل ما يتعلق به من مواد طالما أن بعض الناصحين والمستشارين ممن انتهي عمرهم الافتراضي أو هواة سياسة أو مازالوا يفكرون ويتصرفون بنفس أسلوب الماضي الذي لايصلح بعد التغيير الكبير الذي حدث في مصر.
وقال السادات في بيان صحفي ان هناك مماطلة غير مبررة في إجراء انتخابات البرلمان.. وارتياح حكومي لحالة الفراغ السياسي والتشريعي وعدم تضررهم من غياب الرقابة والمحاسبة.
والواضح من سياق بيان الاخ السادات أن دعوته لاجراء استفتاء من أجل إلغاء مجلس النواب وصلاحياته وترك الامر برمته للسلطة التنفيذية كي تضيف إلي اختصاصها سلطة التشريع والرقابة أن بها مسحة مزاح هزلي.. ولو اننا أخذنا الدعوة علي محمل الجد فسوف يكون هذا أغرب استفتاء في تاريخ مصر.. بل في تاريخ العالم.. لأن الاستفتاء لايكون لإلغاء البرلمان ولا المؤسسات النيابية التي هي عنوان الديمقراطية وصوت الشعب.. ولايجوز الترويج لمثل هذا الاستفتاء الذي يشوه صورة مصرفي العالمين.
لعل الاخ محمد أنور السادات يدرك ان تأجيل اجراء الانتخابات البرلمانية يرجع في الاساس إلي ضعف وتهافت الاحزاب والقوي السياسية.. ولو كان لهذه الاحزاب أي ثقل في الشارع أو أية مصداقية لما كانت المماطلة من جانب الحكومة.. ولما أهدرت الاراء والاقتراحات التي قدمتها القوي السياسية في جلسات الحوار حول قوانين الانتخابات.. لكن الحكومة تعلم يقينا ان الاحزاب ليس لها وجود حقيقي في الشارع وليس لها ظهير شعبي.. وانما هي ظاهرة صوتية وديكورات وأسماء علي غير مسمي.. ولذلك فإنها تترككم لتقولوا ما تريدون وتفعل هي ما تشاء.
الحكومة يا أخ السادات- أي حكومة- لاتريد برلماناً قوياً يراقب ويسأل ويحاسب.. ولا تريد أحزاباً قوية تعبر عن الجماهير وتساندها الجماهير.. لذلك كانت الممارسة السياسية وبناء الشعبية والمصداقية واجراء الانتخابات بحرية ونزاهة قضية الاحزاب والقوي السياسية وليست قضية الحكومة في الاساس.. فلا تلوموا إلا انفسكم.
كثيرون يكتبون الان ويشكون من موت السياسة وتعطيل الانتخابات وتشتت القوي السياسية وتفجير الاحزاب من الداخل وتصاعد الصراعات بين السياسيين وفشل التحالفات وتأكل إيمان المواطنين بجدوي العمل السياسي والانتخابات والبرلمان وهذا كله حصاد الفشل والتخبط الذي زرعته الاحزاب.
لقد اهنتم مصر وأهنتم انفسكم ويعتهم مصداقيتكم وفقد تم دوركم.. والان تريدون استفتاء لالغاء البرلمان وتتنصلوا من المسئولية.. لكن هيهات.. ثم هيهات!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف