الوفد
علاء عريبى
أخبار الموت فى مكة
قبل عدة سنوات كنت أقرأ فى كتاب «أخبار مكة» لمحمد بن إسحاق الفاكهى المالكى، المتوفى سنة 272هــ، واستوقفنى الفصل الخاص بفضل الموت بمكة، فقد ذكر فيه ثلاثة أحاديث مرفوعة إلى الرسول، صلى الله عليه وسلم، الأول منقطع رواه: محمد بن مسلم الزهرى التابعى (58 ــ 124هـ): «من قبر بمكة جاء آمناً يوم القيامة، ومن قبر بالمدينة كنت عليه شهيداً، وله شافعاً». والثانى رواه الصحابى محمد بن قيس بن مخرمة: «من مات فى الحرمين، حرم مكة والمدينة، بعثه الله يوم القيامة آمناً». والثالث رواه الصحابى أنس بن مالك (ت 93هـ): «من مات بين الحرمين حشره الله من الآمنين، فقيل له يا أبا حمزة: وإن كان كافراً؟، قال: وإن كان كافراً حتى يقضى الله بين العباد».
أيامها حاولت تخريج الأحاديث وتصنيفها وترتيبها زمنياً، حسب المصدر، ولأمر ما انشغلت وانصرفت، ومنذ يومين وقعت يدى على بعض الأوراق الخاصة بهذه الأحاديث، وأعدت قراءتها، واكتشفت أن الأحاديث جاءت بأكثر من صياغة، ورواها أكثر من شخص، بينها أحاديث برواية، أبى هريرة (59 هـ)، والسيدة عائشة (ت 58 هـ)، وجابر بن عبدالله (ت 78 هـ)، وعبدالله بن عمر (ت 73 هـ)، وعمر بن الخطاب (ت 23 هـ)، واتضح أننى جمعت مادة لا بأس بها، وعثرت على ورقة بخط يدى، رتبت فيها المصادر زمنياً، وأقدم رواية وصلت لها آنذاك، كانت لأبى داود الطيالسى (المتوفى سنة 204هـ) فى مسنده، يليها فى الترتيب روايات الفاكهى (ت 272 هـ) بأخبار مكة، ثم الطبرانى (ت 360 هـ) فى المعجم الصغير، وعثرت بين الأوراق على دراسة قيمة قام بها المرحوم الشيخ إسماعيل الأنصارى، نشرها بمجلة البحوث الإسلامية السعودية سنة 1985، وانتهى فيها إلى وجود علل واضحة فى سند الأحاديث، وهو ما يعنى عدم صحة مقولة من مات فى طريق مكة أو المدينة حاجاً أو معتمراً دخل الجنة دون حساب.
وأهم ما عثرت عليه بين الأوراق هو أننى لم أتوقف ببحثى عند مصادر أهل السُنة، بل بحثت كذلك عنها فى مصادر الشيعة، واكتشفت أن أقدم مصدر كان كتاب الكافى لمحمد بن يعقوب الكلينى، المتوفى سنة 329هـ، وعثرت على عدة روايات فى كتاب «بحار الأنوار» لمحمد باقر المجلس المتوفى سنة 1111 هـ، وبعد أن كانت منسوبة للرسول عليه الصلاة والسلام فى كتب السُنة، نسبت إلى الإمام جعفر الصادق (80 ــ 148هـ) الإمام السادس لدى الشيعة الإثنا عشرية والإسماعيلية، قال: «من دفن فى الحرم أمن من الفزع الأكبر، قلت له: من بر الناس وفاجرهم؟، قال: من بر الناس وفاجرهم». وقال أيضاً: «من مات فى طريق مكة ذاهباً أو جائياً أمن من الفزع الأكبر يوم القيامة»، وقال: «من مات محرماً بعثه الله ملبياً»، وقال كذلك: «من مات فى أحد الحرمين بعثه الله من الآمنين، ومن مات بين الحرمين لم ينشر له ديوان».
السؤال: ما مدى حقيقة هذه الروايات؟، وإن كان بسندها علل بكتب السُنة، لماذا أخذ بها علماء الشيعة؟، وكيف انتقلت إلى كتب الشيعة؟
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف