عرفت السينما المصرية فنانات عظيمات.. حملن كلهن صفة الأم.. والأهم البكائية الأولى، وتأتى فى المقدمة: الرائعة أمينة رزق.. أشهر من بكت.. وأبكت كل المصريين ولعشرات عديدة من السنين.. وكانت أسرع من تبكي.. وأقدر من جعلت المصريين يبكون- في كل أفلامها- سواء التي قامت فيها بدور البطولة.. أو الأدوار التالية.. وهي في نظري أفضل من كانت «تلبس» دور الأم.. وأتذكر هنا الأستاذ الدكتور محمد مندور، أستاذ النقد الفني وكان يدرس لنا علم أو فن النقد. كان يقسم الفنان، منهم من كان «يقرأ» دوره.. ومنهم من كان «يلقى» دوره.. ومنهم من كان «يمثل» دوره.. أما الأفضل فكان من «يعيش» دوره. وهذا هو الأفضل وهنا تأتي أمينة رزق في المقدمة، لأنها كانت أقدر من تعيش دورها.. ولذلك كانت تدفعنا إلي البكاء..
<< وفي المرتبة الثانية من قادة البكاء في السينما المصرية، كانت تأتي فردوس محمد. وكانت المنافس الأساسي للفنانة أمينة رزق البكائية الأولي.. ولكن فردوس محمد كانت تمتلك «بحة» ذات جرس خاص عندما تندمج في دورها، وربما كان دورها في فيلم «رد قلبي» هو الأكثر تأثيراً..
ومن الرجال يأتي حسين رياض في المقدمة.. في الأدوار التراجيدية الرائعة سواء في نفس الفيلم «رد قلبي».. أو فيلم «أبوالبنات» الذي يعمل في أكثر من وظيفة ليدبر لبناته لقمة العيش والمريلة التي تذهب بها إلى المدرسة.. وبذلك إذا كانت أمينة رزق أو فردوس محمد هي البريمادونة الأولي في البكاء بين الفنانات.. فإن حسين رياض يحتل المركز الأول بين الرجال لقدرته علي التقمص.. والإقناع وأنه فعلاً الأب الحقيقي لفناني مصر وما دوره فى فيلم «في بيتنا رجل».
<< ويأتي بعد حسين رياض الفنان الرائع شفيق نور الدين وبالذات في دور الأب في فيلم «القاهرة 30» الذي أنفق كل ما عنده- وهو قليل- لكي ينفق علي ابنه الذي كان يدرس بالجامعة.. ثم صدمته فيه عندما اكتشف أنه متزوج من فتاة.. هي خليلة الوزير المشهور..
وربما لعب عبدالوارث عسر دور الأب بإجادة كبيرة.. وهو بالمناسبة لم يمثل دوراً واحداً قام فيه بدور فنان شاب.. فهو منذ دخل عالم السينما كان يؤدي دور.. الأب.. ولكنني أري دوره في فيلم صراع في الوادي وأدي فيه دور الأب للفنان عمر الشريف هو أفضل أدواره خصوصاً في الزيارة الأخيرة ثم وهم يدفعونه إلي غرفة الإعدام..
<< وكثيرون أدوا دور الأب كرجال. تماماً كما هن كثيرات من قمن بدور الأم. ولكن تظل أمينة رزق هي البريمادونة الأولي وما دورها القصير في فيلم أريد حلاً إلا نموذجاً رائعاً للفنانة الحقيقية فلا يهم حجم الدور.. ولكن ما يقدمه الفنان في هذا الدور..
وهنا أستعيد الأغنية شديدة الروعة التي أداها الفنان الكبير عبدالمنعم مدبولي في فيلم «مولد يا دنيا».. وهو يغني للحصان.. وعربة الحنطور ومنحه الرئيس السادات تكريماً خاصاً عن هذا الدور أو الأغنية الشهيرة..
<< حقاً ما أكثر فنانينا الذين كانوا «يعيشون» أدوارهم زمان.. وما أكثرهم الآن الذين «يلقون» أو يقرأون أدوارهم في أفلام هذا العصر والأوان.
حقاً.. الفرق كبير للغاية!!