عباس الطرابيلى
ما أكثر أعيادنا.. وأقل عملنا!
خلاص انتهى العيد.. بعد أن طالت إجازته، رغم أن منا من سيحصل على الثلاثاء والأربعاء والخميس إجازة ليستريح فيها من تعب أيام العيد الخمسة.. ولم لا ونحن أكثر شعوب الأرض طلبا للإجازات؟!.. وسعياً وراء الكسل، وتعبئة الشمس فى زجاجات.
أقول خلاص.. وانتهينا من «بكرة العيد ونعيّد.. وندبحك ياشيخ سيد» وأيضا مواكب الأبقار والجاموس نزفها ونهتف: بالعين «أى بعد المعاينة والتأكد من سلامتها».. ونقول: يا الله السلامة.. ثم يكون الخبر: من ده بكرة بقرشين، أى الأقة أكبر من الكيلو فقط بقرشين لا أكثر.
وبعد العيدية والزحام على دور السينما ظهراً.. والاقتتال لندخل سيرك عاكف أو سيرك الحلو بقرشين أيضاً.. جلوسا على صفوف من سقالات الخشب أعلى السيرك.. وفى اليوم التالى الفلايك والمقاديف، والذهاب إلى رأس البر.. أو الجرى وراء حلقات طرزان وزورو وفوماتشو الجبار.
خلاص بقى.. وكفاية ذهاب إلى حارة العيد- فى القرى أو المدن- والسرمحة ولعب الحديد وأكل أطباق الطرشى وشرب مياه المخلل لنعوض ما فقدته أجسادنا من أملاح.. خلاص بقى وكفاية كسل.. أم نحن عشاق النوم والكسل.. ألا تكفى هنا «ليلة الهمدة» التى ننام فيها إلى ما بعد الظهر من كثرة الجهد الذى بذلناه احتفالاً بالعيد وليلة العيد، ومن كثرة ما أكلناه من صباح أول أيام العيد من كبدة وقلب وطحال وفشة.. ثم ما ملأنا به بطوننا من فتة ولحم هبر: مسلوق على وش قارب الفتة.. أو مشويا على فحم بلدى.. أو فى اليوم التالى من لحمة راس ومخ وكرشة سابحة فى حلة بصلصة الطماطم مع الحمص البلدى.. أو حمص الشام.
ألا يكفى كل هذا.. فأعيادنا بالأسبوع.. بينما أعياد الشعوب المتقدمة يوم واحد فى العام كله.. وهم- فى أمريكا مثلاً- يكتفون بديك الحبش أى الديك الرومى مع صوانى القرع العسلى، الذى نصحنا بأكله نبينا صلى الله عليه وسلم.. فلم نعد نذكر هذا القرع الذى هو اليقطين.. وتركناه لغيرنا ينعمون بأكله!!
هنا يكمن الفرق بين شعوب تقدس العمل.. وتنتحر لو أجبرهم النظام على يوم واحد إجازة.. ولهذا تقدموا، بينما نحن نتقاتل من أجل أيام أخر «نلحمها» وراء أيام الإجازة الرسمية.. فتمتد أعيادنا.. وتطول إجازتنا، ولذلك نستمر فى غفوتنا.. وننام من كثرة ما قضيناه من إجازات.. وهم- لذلك يتقدمون بالثلاثة.. ونحن نتأخر بالثلث.. وشتان بين شعوب تعمل ٣٦٠ يوماً.. وأعيادها لا تتجاوز الأسبوع.. وشعوب نحن فى مقدمتها نحصل على إجازة ٣٦٠ يوما!! يعنى بالمقلوب.
** ولما كان صعبا- أو مستحيلاً- أن نقلل من عدد أيام إجازاتنا على مدار العام.. فلا أقل من أن نعمل ولو نصف المدة.. بشرط أن نعمل ٨ ساعات فى اليوم.. وليس ٨ دقائق، هذا إذا عملنا.. رغم أن من مبادئنا الإسلامية أن العمل عبادة.. وأن من جد وجد.. وازرع لتحصد.
** ونحن سواء عملنا أياما معدودات، على مدى العام، أو عملنا ساعة واحدة، فى اليوم الواحد، نطلب ما لا نستحقه.. نحصل على ما لا يقول به الإسلام.. نطلب حقوقاً دون أن نفكر من أين تدبر لهم الدولة ما يطالبون به.. فما أكثر ما نطلبه.. وما أندر ما نقدمه.
** ويا أهل مصر المحروسة.. هل حان الوقت أن نعمل.. وأن نزيد إنتاجنا.. أم ما زلنا نعتمد على ما تقدمه لنا الحكومة.. حتى ولو كان ذلك بالاقتراض لنأكل ونشرب.. ونحيا فى الأعياد!!