ضربتان للمتشدددين الإسلاميين بالشرق الأقصى.. الأسبوع الماضى، ألغت الحكومة الإندونيسية شرط كشف العذرية للمتقدمات للخدمة المدنية فى البلاد، بينما أعلنت ماليزيا عزمها تعيين مسئول حكومى عن «اليوجا».
أشعل القراران مزيدًا من النار فى أوساط الإسلاميين المتطرفين. الإسلاميون المتطرفون فى البلدين لهم نفوذ وأصواتهم عالية.
قبل سنوات انصاعت إندونيسيا لضغوط متطرفين.. اضطرت لإخضاع المتقدمات للخدمة المدنية فى عموم البلاد لكشف عذرية برره المشايخ بـ«الضرورة الشريعة».
أغلب العاملات بالمؤسسات والجامعات الإسلامية فى اندونيسيا يتم اختيارهن من فتيات الخدمة المدنية.. يلزم القانون غير المتزوجة بإقرار عدم زواجها فى استمارة التقدم.. أفتى المشايخ بحتمية «اختبار عذريتها».. الوظيفة العامة لدى المشايخ هناك «ولاية».. الولاية تستلزم شرعا «يقين من اعتبار صاحبها».. اعتبروا كشف العذرية طريقاً لليقين.. لو كذبت الفتاة فى عذريتها وتبين العكس «فقدت الاعتبار».. فاقد الاعتبار لا يجوز له «الولاية».
لغة غريبة وكلام فارغ.. قالوا إنه دين.. لم يكن كذلك.. بعد سنوات رأت الحكومة أن نفض هذا الكلام الفارغ هو «الفريضة الشرعية».
أما ماليزيا فأفتى مجلس علماء المسلمين هناك قبل سنوات بأن اليوجا حرام.. قالوا إن معلمى الرياضة هناك يتلون «تمتمات» هندوسية خلال التمارين.. التمتمات الهندوسية حرام على المسلمين.. لأنها تزعزع الإيمان.. وتستميل المسلم نحو ديانة أخرى. ميل المسلم لغير الإسلام ذريعة لما هو أكبر.. طريق للتماس والاقتراب من حدود الله.. وتلك حدود الله لا تقربوها.
استقر مشايخ الشرق الأقصى على أن اليوجا اعتداء على الدين.. استسلم الجميع.. تداول الماليزيون كتب اليوجا بنفس طرق تهريب الحشيش والماريجوانا.. كان كلاما فارغا أيضًا. السنوات الماضية تكوّن رأى عام مضاد لهذا الكلام الفارغ.. لكن لم يقو الرأى المضاد على الفكاك من «الكلام الفارغ» إلا مؤخراً.
سيطرة التيارات الإسلامية فى الشرق الأدنى كارثة.. نفوذ رهيب على مراكز صنع القرار رغم التقدم التكنولوجى والتجارى الرهيب.. مراكز صنع القرار كانت «تهادن» خوفاً من إشعال الشارع.
فى إندونيسيا حاولوا تفكيك «نفوذ المشايخ» مرة بالحسنى.. ومرة بالمعارك والتلاسن.. يكسب المشايخ.. تلجأ التيارات المتحررة للإعلام.. لكن لم ينجح الإعلام مرات كثيرة.
فى الهند أثير جدل «حرمانية اليوجا» قبل سنوات، العام الماضى فقط عينوا وزيرا لها.. لكن الظروف فى الهند مختلفة.. فالوزير المعين «هندوسى».. والمعترضون على اليوجا مسلمون.. تعيين الرجل إذا له معنى طائفى.. لكن الحركة شجعت متنورين ماليزيين يريدون مزيدا من الحرية.. مزيداً من الانفتاح على العالم.. مزيداً من البراحات الفكرية.
لدى المعتدلين، لا مزيد من الانفتاح التجارى.. ولا السياسى فى ظل إملاءات فكرية.. لا بد من استيعاب الآخر.. لا بد من الانفتاح على الجميع.. لو استمر الوحى لأوصى: انفتحوا.
دول كثيرة فى الشرق الأقصى هادنت الإسلاميين المتطرفين انطلاقا من فكرة الاستيعاب تلك.. لكن استيعاب الآخر لا يعنى أن تدعه يأكلك ويمزمز لحمك.. ويمصمص عضمك. هذا ما يريده الإسلاميون المتطرفون فى ماليزيا.. وفى إندونيسيا أيضا. مزمزة عظام المجتمعات.
هم هناك مترصدون.. متنمرون.. فى انتظار الفرصة للانقضاض.. أغلب البسطاء معهم.. يوالونهم.. يبجلون كل من قدم نفسه بكارت تعريف شخصى مطبوعا عليه بالخط الكوفى: «بتاع ربنا».. فعلنا نحن فى مصر هذا أيضا مع عمرو خالد.. وخالد الجندى.. وآخرين.. لو لم نقع فى فخ الإخوان ، لظللنا على تبجيلنا لأى ممن يقول إنه «بتاع ربنا» أيضاً.
نشرت الواشنطن بوست تهديدات لجمعيات شرعية إندونيسية بالدعوة لصلاة مفتوحة فى الشوارع الكبرى والميادين لو نفذت الحكومة قرار إلغاء «اختبار العذرية». فى ماليزيا هددوا أيضا بتفاصيل مختلفة. دخلت ابنة «مهاتير محمد على الخط».. دعت المجتمع إلى حملة ضروس لمواجهة المحسوبين على تيار الله.. فالله للجميع.. لا كشوف العذرية طقس شرعى.. ولا «اليوجا» خطيئة.
قالت ابنة مهاتير محمد على شاشات التليفزيون إن الإسلاميين ينطبق عليهم المثل المحلى: «لو تركت زهرتهم.. سيزرعون شجرتهم». بالبلدى فى مصر: «سكتناله دخل بحماره».
انتفضت حكومات كثيرة فى الشرق الأقصى.. بدأت إندونيسيا وماليزيا دق طبول القتال.. كتب عليهما وهو كره لهما.. قالتا إن مزيدا من القرارات المهمة فى الطريق.. أفلحتا إن صدقتا!