إلى الزعيم جمال عبدالناصر فى رحاب الله هذه الأبيات التى كتبها العزيز صلاح جاهين فى وداع عبدالناصر.. أقول لك ياجمال حتى الرسول مات وأمر الله لا بد يكون..
ليس الفراق صعب واحنا شعب حنون
وحشتنا نظرة عيونك للبلد يا جمال
والحزم والعزم فيها وحبها المكنون
وحشتنا عبسة جبينك وأنت بتفكر
ونبرتك وأنت بتعلمنا وتفسر
وقبضة اليد لما تلاطم الجرانين
وترفع السد العالى المجد عالى الصيت
وتأدب النيل وتحكم مية الفيضان
ما تعدى نقطة سوى بالخطة والتوقيت..
أولا.. إننى أكتب عن جمال عبدالناصر الإنسان شخصيا وليس زمنه وأيام حكمه..
يا عبدالناصر يا حبيب الأمة.. حتى الرسول مات وأمر الله لا بد أن يكون.. وبعد.. تمر هذه الأيام ذكرى رحيل الرئيس جمال عبدالناصر الذى انتقل إلى رحمة الله عام 1970 وكان خبر وفاته حدثا جللا وكان عبدالناصر قد وصل لرئاسة الجمهورية عام 1956 وشهدت البلاد عشرات الأحداث المهمة على المستوى المحلى والعربى والعالمى.. وفى عام 1970 كانت البلاد تمر بمرحلة خطيرة فى حياتها وما زالت آثار حرب 1967 موجودة ونشاهد أثارها على وجوه الناس لذلك كان خبر رحيل بطل الأمة وفارس ثورتها وقائد أحلامها أخطر وأقسى خبر على الشعب المصرى.. لذلك كانت ذكرى الرحيل قد أثارت بعض الذكريات قد تكون خاصة من خلال علاقته الحميمة التى كانت بينه وبين أستاذنا ومعلمنا «إحسان عبدالقدوس» وبعض الذكريات عن علاقته بسدة الصحافة الست «روزاليوسف» ومن هذه الذكريات كانت الست «روزاليوسف» عندما تريد أن تحكى معه كانت تكتب له خطابا أسلمه له أنا يداً بيد وبعد يوم يرسل الرد ويطلب منها نشر خطابها ورده فى المجلة ومن أهم كلمات عبدالناصر قوله: «فإنى أملك أن أضع رأسى على كفى ولكنى لا أملك أن أضع مصالح الوطن ومقدساته هذا الوضع»!
وعلى الماشى هذه أيضا بعض الذكريات بمناسبة ذكرى رحيل ثلاثة من أشهر وأحب ناس مصر كانت جنازاتهم بدون «الجثمان» أولهم جمال عبدالناصر حفاظا واحتراما له دفن جثمانه الكريم ثم كانت الجنازة وزحام الشعب كله تكريما وحبا وتعلق بالشعب بالعربة.. ومثله كانت جنازة كوكب الشرق «أم كلثوم» التى دفن جثمانها الكريم من مستشفى المعادى إلى المدفن والجنازة شيعها الشعب كله بلا جثمان.. والثالث «عبدالحليم حافظ» الذى نقل جثمانه من المطار إلى المدفن ثم سارت الجنازة وانتحرت فتاة وكاد يسقط النعش بلا جثمان كما توقع المسئولون.. رحم الله الجميع وغفر لهم.
ثم بعد هذه معلومة قد يكون الكثيرون لا يعرفون أن الرئيس جمال عبدالناصر كان أول وزير «للداخلية» فى بداية الثورة من عام 1953 آخر العام استلمها منه السيد زكريا محيى الدين.
وأخيراً قد لا يعرف من تاريخ الرئيس الجليل جمال عبدالناصر حول اتصالات عبدالناصر بإسرائيل وقصة الصحفى المصرى «إبراهيم عزت» مبعوث عبدالناصر لـ«بن جوريون» الذى زار إسرائيل عام 1956 بالتنسيق مع صلاح نصر وموافقة عبدالناصر والدكتور عبدالقادر حاتم والدكتور ثروت عكاشة، كانوا شهودا ومتابعين لتطورات الموقف.. حتى أفشل المحاولة الكاتب الصحفى حسنين هيكل كعادته وكان مقربا من عبدالناصر.. فأفشى أسرار مهمة إبراهيم عزت إلى السفارة الأمريكية وصحافة لبنان فأجهض فكرة القمة ومشروع السلام بين مصر وإسرائيل المبكر..
ومن الذكريات التى تصاحب ذكرى رحيل حبيب الأمة الزعيم الغالى جمال عبدالناصر ومن ذكريات سفر إبراهيم عزت لمهمته فى إسرائيل ولم يكن يعلم بها غيرى فى المجلة إلا الاستاذ إحسان عبدالقدوس.. ولكنى أبلغت الست «روزاليوسف» التى قالت لى: إن هذه مغامرة كبيرة فإذا نجح إبراهيم فى مهمته سيقولون إنهم أرسلوه ولو فشل سيقولون إنه جاسوس ويحاكمونه.. وانفطر قلبى على شقيقى إبراهيم واتصلت بالسيد يسرى الجزار نائب رئيس المخابرات وقلت له أول ما قابلته فى مكتبه: لو حدث أى مكروه لإبراهيم وأمى ماتت أنا اللى حاقتل عبدالناصر.
وثانى يوم وأنا داخلة المجلة قال لى البواب الاستاذ إحسان عايزك حالا ودخلت على إحسان الذى زعق فىّ، وقال: عملتى إيه تانى.. وقال: استعدى فيه عربية جاية حالا اركبى ولا تتحدثى مع السائق ولا مع المرافق بأى كلمة حيوصلوك للرئيس.. وفعلا ركبت حتى وصلت معهم إلى مكتب الرئيس جمال عبدالناصر الذى استقبلنى مبتسما حتى يمتص خوفى وقال لى: أنا عارف مين قال لك الكلام ده وعارفها وعارف رأيها فيا بنتى إبراهيم واحد من ولادى المصريين يؤدى عملا وطنيا فهو ابنى لو نجح أو فشل ولم أقو على دموعى.. وحاولت أعتذر وكان حنانه وإنسانيته أكبر من العتاب والاعتذار.. هكذا كان جمال عبدالناصر الأب والقائد والإنسان..
أما هذه تذكرت أن جمال عبدالناصر بجلالة قدره وعزة نفسه عاش شريفا عفيفا وأشهد أن عفش بيته كان عهدة.. والسبب أنه عندما أعلن أن جمال عبدالناصر رئيساً للجمهورية عام 1956 كان لا بد أن تتغير بعض أمور حياته مجاراة: للمنصب وتقرر أن ينتقل للإقامة فى فيللا فى منشية البكرى وكان لا بد من فرش يليق برئاسة الجمهورية وكان لا بد من مهندس ديكور يفرش الفيللا ولما كان مهندس الديكور الوحيد فى بيوت الأزياء ومحلات الموبيليا يهودى فخاف عبدالحميد أمين رئيس مجلس الإدارة على عبدالناصر وكان يعرفنى ويعرف هوايتى دراسة الديكور فأقترح أن أتولى أنا فرش فيللا جمال عبدالناصر الذى وافق على أن أقوم بهذه المهمة لأنه يعرفنى وكان علىٍّ أن نختار قطع الاثاث من قصر القبة.. وكان.. وأشهد أنه كان جمال عبدالناصر يمضى على كشف بجميع قطع الاثاث التى نختارها من قصر القبة حتى إنه جاء كرسى كبير كان يستعمله الملك لجلسة راحة عائلية ووضعوه للمكتب ولما رأيته قلت: ده مش كرسى المكتب وما ينفعش المكتب له كرسى، فقال جمال عبدالناصر للسيد محمد أحمد: اسمع كلام مديحة.. وفعلا جاء بكرسى المكتب وقبل أن يجلس قال: أضفت الكرسى على الكشف، قال: أيوه، قال الزعيم عبدالناصر: هاته ومضى على الكشف ثم فى الصالون طلب منى عبدالناصر أن أغير قماش تنجيد الصالون بلون غامق لأنه يستضيف المسئولين السودانيين وطريقة جلوسهم يضعون أرجلهم على الكراسى.. فقلت له: يا ريس الصالون لا يصلح له الألوان الفاتحة وعلى العموم اللى تأمر به يا ريس، ابتسم وقال: أمر بإيه اعمل أنت وهو اللى تقول عليه مديحة..
هكذا كان جمال عبدالناصر حبيب الأمة يعيش على عفش عهدة واعتبر حياته عهدة للوطن الذى كما كان يقول دائما فى سبيل مصر والوطن أضع رأسى على كفى..
هكذا كان جمال عبدالناصر قائدا عظيما أبا حنونا زعيما إنسانا وطنيا علمنا الوطنية ثوريا من أجل مصر ياريت يحاول ثوار اليوم يعتبرون ما كتبته عن تصرفات الزعيم الراحل جمال عبدالناصر قدوة لهم وطريقا لعودة الأمن والأمان وإعلاء شأن مصر بإذن الله وعيد سعيد وأيام جميلة وإلى كل الحبايب والزملاء والأهل والأخوات والإخوة وأنا وأنتم والجيران المسلم منهم والقبطى كل سنة وأنتم طيبون وحج مبرور بإذن الله وإليكم الحب كله وتصبحون على حب.