اللواء حمدى البطران
بناء الكنائس بين القانون والعرف
يحكم عملية بناء الكنائس فى مصر القرار الهمايونى الصادر فى ١٨٥٦ عن السلطات العثمانية، التى كانت تحكم فى ذلك الوقت.. والتفسير المعاصر للقرار الهمايونى الصادر فى ١٨٥٦، والذى لا يزال ساريًا بشكل جزئى، يحتم على غير المسلمين الحصول على قرار رئاسى لبناء كنائس أو معابد جديدة.
بالإضافة لذلك، فإن لوائح وزارة الداخلية الصادرة فى ١٩٣٤ بموجب قرار العزبى وزير الداخلية فى ذلك الوقت، تحدد ١٠ شروط يجب أن تراعيها الحكومة قبل أن يصدر قرار رئاسى ببناء مكان جديد للعبادة لغير المسلمين. وتتضمن الشروط مطلبًا متعلقًا بالمسافة التى يجب أن تفصل الكنيسة عن أى مسجد، حيث يجب ألا تقل عن ١٠٠ متر «٣٤٠ قدمًا»، كما يجب أيضًا الحصول على موافقة المجتمع المحلى الإسلامى فى الجوار قبل صدور تصريح ببناء كنيسة جديدة.
وفى ٢٠٠٥، أصدر الرئيس القرار رقم ٢٠٠٥٢٩١ بتفويض المحافظين لمنح تصاريح للطوائف المسيحية، التى ترغب فى توسيع أو إعادة بناء كنائس قائمة. وقد نص القرار أيضًا على أنه يمكن للكنائس القيام بإصلاحات أساسية وأعمال الصيانة فقط بموجب توفير إشعار خطى للسلطات المحلية. وقد أشار القرار رقم ٢٩١ إلى أنه يجب على المحافظين فحص جميع الطلبات لإعادة البناء أو التوسيع، التى ينبغى أن تكون معضدة بوثائق غير محددة، خلال ٣٠ يومًا من تاريخ تقديم الطلب. طبقًا للقرار فإنه «لا يجوز رفض التصاريح إلا بحكم مسبب». وقد أبطل القرار ٢٩١ القرار الرئاسى رقم ٤٥٣ لعام ١٩٩٩ الذى أخضع إصلاح جميع أماكن العبادة لقانون البناء المدنى لعام ١٩٧٦، مستهدفًا تحسين عملية استخراج التصاريح الخاصة بإصلاح الكنائس.
بالرغم من أن هذا القرار قد أخضع إصلاح الكنائس والمساجد معًا لنفس القوانين، فإن السلطات قد شددت على تنفيذ القوانين بصورة أكبر بالنسبة للكنائس.
وفى أبريل ٢٠٠٩، رفضت المحكمة الإدارية طعنًا قانونيًا ضد القرار ٢٠٠٥٢٩١. المحامى الذى أثار هذا الاعتراض كان يرغب فى إبطال القرار لأنه لم يعتقد أن القرار الهمايونى قد منح الرئيس سلطة لتفويض صلاحية الإصلاح أو التجديد للمحافظين. وقد حكمت المحكمة أن «الفكر الإسلامى المستنير يقبل وجود غير المسلمين كجزء لا يتجزأ من الأمة الواحدة، حيث يمكنهم ممارسة عقائدهم بحرية وبأمان داخل إطار النظام العام، الذى يحكم العلاقات ما بين الأفراد وكذلك علاقاتهم بالدولة». وقد لوحظ أن بعض التجمعات القبطية حين يتم رفض طلبها للحصول على تصريح، تلجأ إلى استخدام مبانٍ وشقق خاصة للخدمات الدينية أو تلجأ للبناء دون تصريح وتقوم السلطات المحلية أحيانًا بإغلاق أماكن العبادة غير المصرح بها من هذه الشاكلة.
لم يكن بناء الكنائس يثير أى توتر بالنسبة للمسلمين، حتى عصر الرئيس السادات من منذ بداية إسناد الملف القبطى إلى جهاز الأمن، وبدأت عملية الاحتقان الطائفى للأقباط من جانب المواطنين تزداد.. ونظرًا لطبيعة عمل جهاز أمن الدولة وأجهزة الأمن العام بين المواطنين، فقد سعى كل جهاز إلى تجنيد أعداد من المواطنين فى كل شارع، وكل حى، وكل مدينة، من أجل الإبلاغ عن أى تجديد يحدث فى أى كنيسة.
وكذلك الإبلاغ عن بنا أى كنائس جديدة، أو حتى مبنى تابع للكنيسة، أو مبنى لتقديم خدمات للجمهور، ويتم توجيه الناس للتجمهر ومنع الأقباط من استكمال ما تم بناؤه، وخلال التجمهر تحدث اشتباكات وتعديات، ثم يتدخل الأمن ويقوم بتطبيق القانون الذى يحظر إقامة أى أبنية دون ترخيص.