فى الطريق من القاهرة إلى العين السخنة يمكنك أن تشاهد مصر المستقبل، مصر الجديدة «اللى بحق وحقيقي»، لا مصر السوداء المأزومة التى على السوشيال ميديا.
فى المثلث المحصور بين «القاهرة» و«العين السخنة وبالسويس»، يمكنك أن ترى مصر التى سنتركها وديعة ثمينة لأبنائنا، لا مصر الديون والفقر والسب والقذف والغيبة والنميمة والكراهية والفساد والإهمال والبلطجة.
مليارات الدولارات أمامك واقع ملموس. البداية من مشروع توسعة شديدة الرقى لطريق القطامية - السخنة الذى ينقلك من القاهرة إلى هناك فى ساعة على الأكثر دون أن تشعر بعناء السفر.
على يسار الطريق منشآت العاصمة الإدارية الجديدة الممتدة على مساحة هائلة، ومشهد مهيب لآلاف الشاحنات واللوادر والسواعد السمراء تروح وتجيء على جانبى الطريق تعطيك دليلا دامغا على أن أشياء «هائلة» بحق يجرى العمل فيها هناك، ولا عزاء للتنابلة وأصحاب البطون المنتفخة، وأصحاب لوثة «السور»!
بعد ذلك، تأتى منطقة المصانع العملاقة عند مدخل السخنة، ثم ميناء السخنة نفسه، الذى يعد الآن من أهم موانى التصدير على البحر الأحمر، وسفن الحاويات والبترول العملاقة تبحر دخولا وخروجا من وإلى خليج السويس، فى الطريق من وإلى قناة السويس، التى قال عنها جهابذة العصر ذات يوم إنها «بتخسر»! بعد ذلك، تصحبك مياه البحر الزرقاء الصافية الممتدة عبر طرق جبلية متعرجة حتى سواحل الغردقة جنوبا، تشاطئها عشرات الفنادق والقرى السياحية ذات المستويات المتفاوتة، والتى تناسب السائحين المصريين والعرب والأجانب على حد سواء، وعلى الضفة الأخرى أرض سيناء.
بحر رائع لا يقل جمالا ونقاء عن بحر الغردقة أو شرم الشيخ، مناظر جبلية خلابة تضفى على المكان هيبة وجلالا، مرافق مكتملة، رحلات سفاري، أنشطة ترفيهية متنوعة، مراكز تجارية جديدة بدأت تظهر على جانبى الطريق، عشرات المطاعم والكافيتريات، مناطق صيد الأسماك، مراس لليخوت الفارهة وقوارب الرحلات، وطريق الجلالة الجديد «المهيب»، والمنتجع الجارى إنشاؤه هناك، يعطيان منطقة السخنة كلها مزيدا من الأهمية، والاهتمام أيضا.
الأرقام تقول إن نسبة الإشغال الفندقى فى العين السخنة تصل إلى 100% فى أيام الإجازات والأعياد، صيفا أو شتاء، فلكل موسم مميزاته، والسبب أن معظم الفنادق والقرى السياحية هناك تعمل بنظام «التايم شير»، بما يعنى أن الإشغال مضمون لا محالة طوال العام، ونظرة سريعة على مواقع حجز الرحلات السياحية الشهيرة على الإنترنت تؤكد لنا ذلك. تصريحات المسئولين تقول أيضا إن 20 مليار دولار هى حجم الاستثمارات الأجنبية المتوقع جذبها لمنطقة العين السخنة خلال الفترة المقبلة، خاصة أن المنطقة ستكون مرتكزا رئيسيا فى مشروع محور قناة السويس، ولهذا، انتعشت حركة بناء المصانع والمنشآت السياحية والاقتصادية فى السنتين الأخيرتين، أى منذ افتتاح قناة السويس الجديدة، وستشهد انتعاشا مضاعفا فى الفترة المقبلة مع قرب افتتاح العاصمة الإدارية، التى يبدو من حجم العمل بها أنها ستكون «معجزة» حقيقية، وكنزا يدر للاقتصاد المصرى مليارات الدولارات، ويخفف كثيرا من الأعباء النفسية والعصبية والبيئية عن «منكوبي» زحام القاهرة!
ومع ذلك، فهناك بعض الملاحظات التى يجب أخذها فى الحسبان حتى تكتمل الصورة، خاصة أن المنطقة برمتها ما زالت «بكرا» :
فأولا: المنظر العام لكمين السخنة، لا يليق على الإطلاق بمدخل منطقة سياحية!
وثانيا: منطقة ميزان الشاحنات والمقطورات يجب نقلها إلى مكان آخر، ولا تليق بمدخل أى منطقة سياحية أو غير سياحية!
وثالثا: الشاطئ العام عند مدخل السخنة، والذى يرتاده آلاف البشر يوميا، وبخاصة سكان محافظة السويس، فى حاجة إلى عناية ونظافة، لأنه شاطيء «الغلابة» الوحيد فى السخنة، وأظن الباقى «مفهوم»!
ورابعا: منطقة منحنيات الحوادث الشهيرة بعد الشاطئ العام مباشرة أصبحت فى حاجة إلى مطبات صناعية توقف «عفاريت الأسفلت» عند حدودهم «بالعافية»، طالما أن الذوق واللافتات التحذيرية لا تفلح معهم! أما خامسا: فالتسويق السياحى للعين السخنة عربيا وأجنبيا ضعيف، قياسا بحجم التسويق الهائل «محليا»، ويمكن التركيز فى هذا الصدد على الترويج لفكرة الاستجمام التام، أو لرحلات السفارى وتسلق الجبال الشاهقة وصيد الأسماك ومشاهدة الدرافيل. .. وتبقى معلومة أخيرة : «ابن حميدو».. أشهر الأفلام المصرية التى تم تصوير مشاهد رئيسية منها فى «العين السخنة».. وهنا، اسألوا تركيا وكوريا الجنوبية والمكسيك عن فن استغلال «السياحة الدرامية»!