مرعي يونس
الطبقة الوسطي ودورها التاريخي
دافعت الطبقة الوسطي بكافة شرائحها العليا والمتوسطة والدنيا أو الصغري عن مصر عبر كل مراحل تاريخها الحديث والمعاصر كانت هذه الطبقة علي الدوام حائط صد وسداً منيعاً في مواجهة المتعدين الطامحين والطامعين والغزاة.
حينما تولي محمد علي حكم مصر عام 1805 كرسي سياسة الاحتكار فأصبحت الدولة هي الصانع الأول والزارع الأول والتاجر الأول فكان معظم المصريين من العاملين في خدمة الحكومة. هذا الوضع الثاني انهي الطبقة الوسطي فأصيبت التركيبة الاجتماعية في مصر بالخلل لذلك أصبحت مصر مطمعاً للأوروبيين وشعوب البحر المتوسط بعد الحملة الفرنسية علي مصر. والغزو البريطاني لمصر.. لم تجد البوراجوازية الأوروبية ما يمنعها من اجتياح السوق المصرية بعد ما أصاب الطبقة الوسطي المصرية من وهن.
مع تولي سعيد باشا الحكمم عام 1854 انهارت دفاع الحكومة عن سياسة الاحتكار وازداد تدفق الأوروبيين علي مصر حتي بلغ ما نسميه "الاجتياح الأوروبي لمصر" في عصر إسماعيل "1863-1879" وبلغ عددهم 68 ألف بعد أن كان يعد علي أصابع اليد في عهد محمد علي.
في هذه الأثناء كان قد بدأ نشوء طبقة وسطي مصرية نتيجة للتغييرات التي حدثت في عصري محمد علي وإسماعيل خاصة في مجال التعليم والزراعة لكن نشوء هذه الطبقة تواكب مع نجاح الأوروبيين في شغل أغلب المواقع الاقتصادية التي كان من المفترض ان يشغلها أبناء الطبقة الوسطي المصرية وقد تحالفت أعداد من أبناء شعوب البحر المتوسط مع الأوروبيين في تعويق بروز المصريين فالأرض احتكروا تجارة التبغ والسوريون عملوا بتجارة الأقطان واليهود اشتهروا بالسمسرة وتجارة المال والربا واليونانيون احتكروا البقالة والمشربات الروحية واحتكر الإنجيلز تجارة المنسوجات والبياضات والفحم وغرقت الأسواق المصرية بالمنسوجات الحريرية الفرنسية والدانتيلات.
وقد عوقت هذه المنافسة من نمو الطبقة الوسطي المصرية مما اضطرها إلي الشكوي وانعكست هذه الشكوي في برنامج جمعية مصر الفتاة التي تشكلت عام 1879 كما عبر عنها عبدالله النديم خطيب الثورة العرابية.
ورغم ذلك برز من أبناء الطبقة الوسطي مجموعتان هما الأعيان من كبار ومتوسطي ملاك الأراضي الزراعية وكانت نشأة الملكية الكبيرة قد ظهرت في الربع الثالث من القرن التاسع عشر أما المجموعة الثانية فتمثلت في جماعة الأفندية بعد إقبال المصريين علي التعليم. وحدث صراع بين هاتين المجموعتين والأجانب.
في ذات الوقت بدأ بعض من الأفندية المصريين يتجهون للعمل بالمحاماة والطب والهندسة والصحافة ولو علي استحياء بحكم أن المصري أفندي يفضل الحكومة. وانخرط أبناء الطبقة المتوسطة في الحركة الوطنية التي سبقت الحرب العالمية الأولي وشاركوا في قيادة ثورة 1919 وحدث صدام بنهم وبين الأوروبيين واليونانيين والإيطاليين.