الجمهورية
محمد عبد الحميد
سؤالان .. لوزير التعليم
كنت مذهولاً وأنا أتابع شقيقتي الصغري تروي لي ضاحكة كيف حلت مشكلة ابنها تلميذ "الثالث الإعدادي". الذي لم يجد مكاناً في "سنتر" الدروس الخصوصية. برغم أنهم سارعوا إلي الحجز عند المدرس. الذي حدد موعد عامه الدراسي أول أغسطس الماضي. وقبل شهرين إلا قليل من عام وزارة التعليم.
الأزمة المستعصية كانت أن الولد حظه عثر. إذ وقت ذهبوا لتسجيل اسمه عند المدرس. فوجئوا بالرفض. لأنه فوق العدد المقرر. ما استلزم البحث عن "واسطة". تقنع الباشا "الخصوصي" بقبوله. وهو ما تكرم به. لكن بقيت أزمة بحاجة إلي حل. وهي أن المقاعد المتاحة بعدد التلاميذ المسجلين. وكل المجموعات "كومبليت". وتم تجاوز تلك المعضلة. بالسماح له بأن يأتي كل مرة للدرس. ومعه " كرسي محمول ". يطويه في الطريق إلي السنتر. حتي إذا وصل. بحث عن ركن فارغ ليضعه فيه. ويتابع الحصة من الوضع جالساً.!!
حكاية لها العجب. لكن العجب كل العجب كان ما سمعته من صديق ابنه علي أعتاب "ماراثون" الثانوية العامة .. ضارباً كفاً بكف. بدأ يشكو حاله. مؤكداً أن مدرس الفيزياء بدأ - كعادته - من أول يوليو في استقبال طلبات الراغبين في التسجيل علي قوائم الالتحاق بدروسه الخصوصية .. إلي هنا لم أجد في الكلام ما يبرر نظرة الاندهاش في عينيه. مبتلعاً غضبه. وهو يقص حكايته مع الدروس .. يكمل الصديق : "نيوتن عصره" - يقصد مدرس الفيزياء- يوزع استمارات تقديم لاختبار قدرات. الواحدة بـ 50 جنيهاً. ومع كل استمارة يملأ الطالب بياناته فيها يتسلم "3 ورقات". عليه أن يذاكرها بعناية. ثم يخضع للامتحان فيها وفق ميعاد. تحدده له "السكرتارية". وغالباً ما يكون بعد يومين. أو ثلاثة علي أقصي تقدير .. في اليوم الموعود يسدد الطالب في الخزينة "رسم تصحيح" قيمته 10 جنيهات. يسلمه مع ورقة الإجابة. قبل خروجه من لجنة الامتحان. الذي تتحدد له مدة لا تتجاوز نصف ساعة .. نتيجة القبول من عدمه. تصل للطالب عبر رسالة مجانية علي "الواتس". وهي الحالة الوحيدة التي يسمع فيها الطالب. وولي أمره كلمة "مجانية"!!.
كنت قد قررت ترك مساحة الكلام كاملة لصديقي. الذي استشعر بعض الراحة وهو يفضفض .. " الحمد لله الولد نجح في الامتحان "- الكلام له -. فيما سمحت لنفسي بمداخلة للتهنئة مبتسماً. قبل أن يعاود الحديث : "عند ذهاب ابني لاستكمال باقي إجراءات التسجيل عند المدرس. فوجئ أن عليه أن يسدد 300 جنيه علي سبيل "التأمين" .. قاطعته : " أي تأمين ؟ " .. قال : "تأمين يحصل عليه الطالب كاملاً نهاية العام الدراسي. ويفقده كاملاً حال قرر أن يترك المدرس. ويستبدله بآخر" .. ضارباً كفاً بكف - كنت أنا هذه المرة مَن فعلها - طلبت منه أن يتابع كلامه. فتابع": ليس هذا كل شئ .. هناك 300 أخري مقابل الورق المطبوع. غير مذكرة المراجعة التي يتحدد سعرها في حينها نهاية العام .. سألته : وماذا عن الميزانية الشهرية للدروس؟ .. أجاب: الرقم يقترب من 2000 جنيه.!!
تركت الرجل. وسؤالان في رأسي. وددت لو أجابني وزير التربية والتعليم عليهما : أي تعليم تديره؟! .. ماذا تعني كلمة مدرسة؟!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف