الجمهورية
عبد القادر شهيب
الحلم النووي وعواجيز الفرح !
ما أن أعلن الرئيس السيسي في الصين خلال لقائه مع الرئيس الروسي بوتين أن العقود الأربعة الخاصة ببناء أول محطة نووية مصرية في منطقة الضبعة قد انتهينا من إعدادها ومراجعتها ووجه دعوة لنظيره الروسي لحضور حفل توقيع هذه العقود ووضع حجر الأساس لمحطتنا النووية حتي انطلق من يمكن تسميتهم بعواجيز الفرح ليشوهوا هذا الحلم الكبير ويقللوا من شأن هذا المشروع القومي الضخم بحثا كما يقول المثل الشعبي عن "القطط الفاطسة" فيه!
ودعنا من هؤلاء الذين ناصبوا مشروعنا النووي العداء منذ وقت مبكر سواء لضيق في الأفق أو ترجمة لمصالح يبغونها حيث كانت منطقة الضبعة مطمعا لبعض رجال الأعمال الذين كانوا يبغون الاستيلاء عليها لإقامة قري ومشروعات سياحية عليها.. ولكن هذه الكلمات موجهة لغير الفاهمين وللذين تأثروا بدعايات مغرضة وممنهجة لها أهداف تتجاوز النيل من حلمنا النووي لتطعن سياسيا في الحكم وإدارة الدولة المصرية.
هؤلاء يقولون لماذا اللجوء إلي الطاقة النووية ونحن لدينا مصادر أخري بديلة ووفيرة مثل الغاز الطبيعي فضلا عن اننا يمكننا التوسع في الطاقة البديلة "خاصة الطاقة الشمسية" حيث تحظي مصر بشمس ساطعة طوال العام.
غير أن هؤلاء ومنهم من كان يطالب وبالحاح بتنويع المصادر يتجاهل هنا حاجاتنا لتنويع مصادر الطاقة أيضا.. فإن وجود اكتشافات بترولية جديدة تضيف لاحتياطاتنا من الغاز الطبيعي لا يجب أن يمنعنا من الحصول علي الطاقة النووية جنبا إلي جنب مع الطاقة الشمسية وأيضا طاقة الرياح.. تنويع مصادر الطاقة يوفرها لنا ويضمن لنا أمنا ضروريا في هذا الشأن.. خاصة وأن بناء محطة نووية تبدأ بأربعة مفاعلات نووية لا يضمن لنا كهرباء نحتاجها وإنما يوفر لنا تكنولوجيا جديدة.. نتعامل معها ونكتسب خبرات فيها وسعت في أوقات مضت دول لمنعنا من الاستفادة بها عمدا ومع سبق الإصرار.. وهذا ما تنبهت له دول نامية عديدة من بينها دول عربية شقيقة بعضها تتعاون مع الروس لبناء محطات نووية لها.. أما الدول الأوروبية التي قررت عدم بناء محطات نووية جديدة مثل ألمانيا فانها اتخذت هذا القرار بعد أن تشبعت من الطاقة النووية علما بأنها لن تغلق محطاتها النووية القائمة الآن والتي تسهم بنسبة ليست قليلة في توفير الطاقة الكهربائية لشعوبها.
وبالنسبة لتمويل انشاء محطة الضبعة النووية التي ستضم أربعة مفاعلات نووية وتتسع لاقامة مثلها فانه سوف يتم من خلال قرض يقدمه الروس لنا تبلغ قيمته نحو 25 مليار دولار.. ولا مجال هنا لتلك التخوفات التي يثيرها عواجيز الفرح بخصوص هذا القرض الكبير.. فهذا القرض لن تحصل عليه مصر أولا دفعة واحدة وانما ستحصل عليه في شكل معدات وأجهزة يحتاجها بناء محطة الضبعة.. أي أننا لن نصحو صباح اليوم التالي لتوقيع عقود بناء المحطة لنفاجأ بزيادة ديوننا الخارجية دفعة واحدة بنحو 25 مليار دولار وإنما هذا القرض سوف يتوزع علي سبع سنوات تبدأ غالبا من عام ..2018 أما شروط هذا القرض فهي ميسرة لأننا لن نبدأ في سداد أقساطه إلا بعد نحو ثلاثة أعوام من بدء تشغيل وإنتاج المفاعلات الأربعة في محطة الضبعة علما بأن قيمة إنتاج هذه المفاعلات الأربعة في أربع سنوات تغطي كل تكلفة تأسيس المحطة النووية وإنشاء هذه المفاعلات.. وعلما أيضا بأن العرض الروسي لانشاء محطة الضبعة بما فيها التمويل كان هو أفضل العروض التي تقدمت لنا من كل الوجوه الفنية والمالية.. كما ان ذلك القرض الروسي - رغم ضخامته - يستخدم في تمويل مشروع استثماري كبير سيكون له عائد ضخم.. وهذا هو الشرط الأساسي الذي يريده الخبراء الاقتصاديون بالنسبة للاقتراض الحميد من الخارج.
بقي القول ان عقود انشاء محطة الضبعة الأربعة جري تفاوض واسع ومكثف ولا أبالغ إذا قلت مرهقا بين خبرائنا وخبراء الشركة الروسية التي ستتولي اقامة المحطة النووية المصرية وشمل هذا التفاوض كل التفاصيل سواء فيما يتعلق بعملية الانشاء أو ما يخص المكونات المصرية في بناء المحطة أو في التزام الروس بتوفير ما نحتاجه من الوقود النووي أو أيضا التصرف في الوقود المستنفذ أي بعد استخدامه وهو الأمر الذي يتولاه الروس فضلا بالطبع عن معدلات وشروط الأمان وكيفية التشغيل للمفاعلات النووية وتدريب الخبرات المصرية التي ستتولي تشغيل هذه المفاعلات.. وقد كان ذلك السبب الأساسي لتأخر تدشين هذا المشروع الضخم.. فقد أراد خبراؤنا الاطمئنان علي كل شيء يخص هذا الحلم النووي الكبير رغم أنهم كانوا يتفاوضون مع أصدقاء.
لذلك لعل عواجيز الفرح يستكون.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف