الوفد
علاء عريبى
دولة قمعية استبدادية
تعقيبًا على ما أثرته حول الدولة الدينية والمدنية، تلقيت رسالة من الباحث الفلسطينى مروان محمد عبدالهادى المقيم فى الولايات المتحدة الأمريكية، طرح فيها رؤيته لما أسماه البعض بـ«الدولة المدنية ذات المرجعية الإسلامية»، حيث يرى أنها ليست دولة بل مجرد تلاعب بالألفاظ، وقد أشاعها أصحاب الإسلام السياسى بغرض تخدير البسطاء والاستيلاء على الحكم، وهذه الدولة ليس للناس فيها رأى ولا مشورة، وهى دولة قمعية استبدادية، والحاكم فيها هو خليفة الله، ودماء المعارض فيها مستباحة، لأن المعارض زنديق خرج على الملة، ولأهمية الرسالة ننشر نصها:
«الأستاذ الفاضل علاء عريبى المحترم..السلام عليكم ورحمة من الله تعالى وبركاته..الدولة الدينية أو الدولة المدنية «ذات المرجعية الإسلامية» التى يحاول الإسلام السياسى فرضها بالقوة تارة، وبالتلاعب بالألفاظ تارة أخرى، ليست دولة، لافتقادها لمقومات الدولة، وهى طائفية ومذهبية، تختبئ وراء سُلطة قمعية استبدادية أقرب إلى الكسروية والقيصرية، وليس للناس فيها رأى ولا شورى، فالخليفة هو خليفة الله، والحاكم هو ظل الله فى الأرض، والمفتون هم الموقعون عن الله، حسب قول الإمام ابن الجوزية، والقائمون مقام الرسول، حسب قول الإمام ألشاطبى، والمعارض إنما هو زنديق خارج على الدين والمِلّة، ودمه مستباح بعد استتابته. أما الأهم من ذلك كله، فإنها تقوم على الإكراه، بالرغم من قوله تعالى: لا إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ.
إننا نكاد نجزم بأن الشِعار «الإسلام هو الحل» أو «الدين هو الحل» الذى يرفعه الإسلام السياسى، لا علاقة له البتة بتعاليم الإسلام الحنيفية التى لا تفرق بين أطياف المجتمع على أساس دينى أو عرقيِّ، إذ إنه ليس من مهام الرسالة السماوية التى تنزلت وحيًا على قلب الرسول الكريم، صلوات الله عليه، سوق الناس سوقًا إلى الجنة بالعصا أو تجنيبهم نار جهنم بالقوة، لذا فإن المقصود من هذا الشعار عندما يُطرح هو السلطة المُطلقة باسم الدين، لا أكثر ولا أقل من ذلك.
فالاهتمام على سبيل المِثال وليس الحصر فى شؤون التعليم، والصحة، والاقتصاد، وإنشاء الطرق وصيانتها، ورفاهية الناس وغير ذلك من الأمور الهامة، قطعًا لا تحتاج إلى رسالة سماوية، ولكنها تحتاج إلى برامج عقلانية وواقعية تعتمد على العلم والعمل الدءوب، ووضع الرجال الأكفاء فى الأماكن المناسبة، هذه الأمور يستطيع القيام بها على أكمل وجه المسلم والبوذى على حد سواء.
الكلام عن دولة مدنية «ذات مرجعية إسلامية» هو نفاق لأنه غير صحيح، وغير منطقى وغير واقعى، إذ كيف يمكن الكلام عن ديمقراطية «أى حكم الشعب» عندما يصبح الشعب تحت سيطرة رجل الدين السياسى، أو السياسى الذى يجعل من الدين هوية المواطنة، يحدد ما يجب وما لا يجب فعله فى الحياة الخاصة والعامة؟.. تحياتى ومودتيّ... مروان محمد عبدالهادى».
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف