الدستور
أحمد بهاء الدين شعبان
كاد المُعَلِّم
إذا صح ما نُسب إلى الدكتور طارق شوقى، وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى، من تصريحات وصفت «نصف الوزارة» بـ«حراميّة»، والنصف الآخر بـ«حرامية وغير كفء»، «جريدة «الوطن»، ٤ سبتمبر ٢٠١٧»، وبصرف النظر عن ركاكة التعبير، فنحن أمام كارثة كبرى، ومأساة كاملة، أقدم عليها السيد الوزير واعيا، برباطة جأش وسابق تصميم، وهو يعلم، حتما، حجم أصدائها المدوية، وتوابع انعكاساتها الخطيرة، على واقع العملية التعليمية المصرية، وعلى صورة مصر، وعلى الثقة فى أهم مقومات «القوى الناعمة المصرية»: المُعَلِّم المصرى فى ظرف تردت فيه الأوضاع إلى درجة غير مسبوقة، وتناهشت جسد التعليم المصرى، من هنا وهناك، أنياب عشرات الطامعين فى الغنيمة الكبرى، وما أعظمها!
وبدلًا من أن يبذل السيد الوزير الجهد الواجب فى إصلاح «المنظومة» إصلاحا جذريا، طالما نادى به المختصون وأولو العلم، وعلاج تشوهاتها المزمنة، ومساعدتها على الخروج من النفق المظلم الذى تسبح فى فلكه، ها هو «ينسف الحمام القديم» كله، دون أن يقدم لنا البديل الحقيقى، بل «يتعافى» موجها الضربة القاضية للتعليم المصرى العام، ولمئات الآلاف من العاملين فى أروقته، وفى مقدمتهم المعلمون، فيفضحهم على رءوس الأشهاد، و«يُجرِّسهم» على الملأ، ويتهمهم-عيانا بيانا- بتهمة تزرى بهم إلى الحضيض، وتكسر عيونهم أبد الدهر، وتحطم ما بقى من صورتهم أمام ملايين من الطلاب، الذين يسمعون وزيرهم وهو يصف معلميهم بهذه الأوصاف المقذعة!
والأسئلة المنطقية التى تطرح نفسها أمام هذه الحالة هى: ما الـذى يدفع الوزير إلى قبول ترؤس وزارة من اللصوص؟! وما الذى يُبقيه على رأس مئات الآلاف من «اللصوص»، وحتى من الذين يفتقدون الشرف والكفاءة فى وزارته؟! ومن الذى يتحمل مسئولية وصول الأوضاع إلى هذه الحالة الكارثية؟! ولماذا لم توضع خطط مواجهة هذا الوضع طوال العقود والسنوات السابقة؟! ثم ألم يمر السيد الوزير على الآلاف من مدارس وزارته، التى تفتقد أبسط الشروط الضرورية لأداء دورها؟! وما رأيه فى حال الفصول المكدسة، والمناهج البائسة، وغياب فرص التطوير والتأهيل، وضعف الإمكانات... إلخ.
يجب ألا نفعل مع آلة التعليم المصرى ما فعلناه مع الصناعة المصرية، حين أغلقنا مصانع كانت تعمل لنستورد كل شىء وأى شىء، وبعنا أخرى كانت تنتج، وتُغنينا عن «سؤال اللئيم»، وفرطنا فى مؤسسات خدمية كبرى كانت تدور، وبدلًا من أن نوفر لها ما ينقصها لكى تعمل بكفاءة- بعناها بثمن بخس، وجلسنا نبكى على اللبن المسكوب!
ومرة أخرى: فإنها لكارثة حقا، يجب أن تقف الدولة لها على قدم وساق.. أن نكون قد انتقلنا من زمن «كاد المُعَلِّم أن يكون رسولًا»، إلى زمن يجزم فيه الوزير بأن «المُعَلِّم لص، وغير كفء أيضا!».
وإذا صح ما نُسب للوزير طارق شوقى، فهو جريمة، كما يقول الخبير التربوى، د. كمال مغيث: «تستوجب الحساب والعقاب» بلا تردد.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف