الدستور
ماجد حبته
حِسْبـة «بورمــا»!
ـ أرقام متضاربة.. صورة مفبركة.. معلومات غير موثقة.. ومصادر تحت مستوى الشبهات.


حتى ترى بعينيك أو تسمع بأذنيك، لا يصح أن تصدر حكمًا أو تعلن موقفًا بشأن أي حدث استنادًا إلى معلومات تتداولها وسائل إعلام مشكوك في نزاهتها، أو تحت مستوى الشبهات، تنقلها عن مصادر مجهولة، أو أخرى معلومة، ومعلوم أنها ذات أهواء أو أغراض. وأتصور أن تلك هي الصيغة الأمثل للتعامل مع ذلك التناول الكثيف، بدرجة مريبة، لما يحدث في ولاية «راخين» أو «Rakhine»، إحدى ولايات ميانمار (بورما سابقًا)، والذي جرى ويجرى تصديره بوصفه صراعًا بين أغلبية بوذية وأقلية مسلمة، أو بين أغلبية من الـ«Bamar» أو الـ«بامار»، وأقلية الـ«Rohingya» أو الـ«روهينجا».

لا ناقة لي في تلك الأحداث ولا جمل. ولا أستطيع الزعم بأن ما ستقرؤه صواب في المطلق، ولا تعتقد أنني أحاول إقناعك بشيء أو دفعك إلى اتخاذ موقف بعينه. فقط، أحاول مثلك أن أفهم سبب ذلك الاهتمام المبالغ فيه، وكذا أحاول أن أستنتج تلك الجهات أو الأطراف التي تغرق شبكات التواصل الاجتماعي بتدوينات «مموّلة» تتضمن معلومات مغلوطة وصورًا مزيَّفة أو مُفبرَكة، من مناطق مختلفة بينها وبين ميانمار مئات الكيلومترات. وأحاول معك قراءة ما نشرته صحف ومواقع إلكترونية عربية نقلًا عن صحف ووكالات أنباء أجنبية، من معلومات تنحاز كلها إلى طرف واحد، تقول إنه هو الضحية، مع إصرار الطرف الآخر أو الحكومة البورمية، على أن الجيش يقوم بعمليات ضد «إرهابيين متطرفين» لحماية المدنيين!.

طبعًا، لا يمكن لعاقل أن يقر أو يوافق على أي أعمال عنف ضد مدنيين مسالمين وسلميين. ولا خلاف على أننا جميعًا نشجب وندين أحداث العنف التي تشهدها ولاية راخين، و«نطالب حكومة ميانمار باتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف أعمال العنف حتى لا يؤدي استمرارها إلى تصاعد التوتر وتغذية التطرف والإرهاب»، وما بين التنصيص، مع الشجب والإدانة، هو نفسه ما اتفق عليه الرئيسان المصري والروسي، خلال لقائهما على هامش قمة الـ«بريكس»، طبقًا لما جاء في بيان رسمي أصدرته مؤسسة الرئاسة.

بهذا الشكل، يمكننا أن نقول إن تصريحات الرئيسين كانت منضبطة. وإنها أدانت أعمال العنف دون توجيه اتهام إلى طرف بعينه. كما لم تتطرق إلى أي أبعاد دينية أو طائفية أو عرقية، ولم يستخدم الرئيسان طبقًا لما ذكره البيان وصف «مُسلمي الروهينجا» أو حتى المسلمين أو «الروهينجا». والأهم هو أن المطالبة بوقف أعمال العنف كانت موجهة إلى «حكومة ميانمار»، دون غيرها، أي أن الرئيسين اتفقا ضمنيًا على عدم مطالبة أطراف خارجية بالتدخل، كما فعل آخرون. وعن نفسي، أتشكك كثيرًا في أي مطالبة بتدويل أي صراع، وفي محاولات استصدار قرارات أممية، تتيح لقوى غربية التدخل عسكريًا في أي دولة.

*******

طيب، هل هناك صراع فعلًا بين الأغلبية البوذية والأقلية المسلمة؟!
ستخبط رأسك في الحائط، لو حاولت الوصول إلى أرقام دقيقة عن عدد المسلمين أو نسبتهم إلى عدد سكان ميانمار. ستجد النسبة تتراوح بين ٢٪ و٢٠٪ وستجد العدد بين المليون و١٠ ملايين!. وبين الأرقام المتداولة في الصحف والمواقع الإلكترونية بلا سند أو مصدر، لن تجد مصدرًا ذا صفة رسمية إلا الموقع الرسمي للمخابرات المركزية الأمريكية (CIA) وفي «The World Factbook» ستقرأ أن ٨٧.٩٪ من السكان بوذيون، و٦.٢٪ مسيحيون، و٤.٣٪ مسلمون، و٠.٨٪ وثنيون، و٠.٥٪ هندوس، و٠.٢٪ ديانات أخرى و٠.١٪ لا دينيون. لكنك ستعود وتخبط راسك في الحيط مرة أخرى، حين تقرأ تحت ذلك ملحوظة تقول إن النسب تستند إلى التعداد الرسمي الصادر لسنة ٢٠١٤ وأنه لم يشمل سكان راخين الذين من المفترض أن تكون أغلبيتهم مسلمة!

هذه النسب تتوزع على كل الأعراق Ethnicities التي يقدرها البعض بـ١٤٠ عرقًا، ويقول آخرون إنهم ١٣٥ وغير «الروهينجا» يوجد «بامار» و«شان» و«كشين» و«كارين» و«شين» و«كايا» و..... إلى آخره. بمعنى أنه يوجد مسلمون بين كل هذه الجماعات أو الأعراق. وبما أن إجمالي عدد السكان، وفقًا للتعداد نفسه، تعداد ٢٠١٤، وطبقًا للموقع نفسه، موقع الـCIA، هو ٥٥.١ مليون نسمة، فإن عدد المسلمين خارج «راخين» يكون ٢.٤ مليون تقريبًا، بالإضافة إلى الـ١.١ مليون الذين قرأت مليون مرة أنهم من يوصفون بـ«مسلمي الروهينجا»!.

مهما كانت الأرقام، ومهما تضاربت، فالثابت هو أن المسلمين ينتشرون في طوال ميانمار وعرضها، وأنهم أيضًا موزعون على كل الأعراق. وبالتالي يكون السؤال البديهي: إذا كان سبب الاضطهاد دينيًا، لماذا تضطهد الحكومة من يوصفون بـ«مسلمي الروهينجا» فقط؟! ولماذا تتعامل «بشكل عنصري ضد المسلمين الروهينجا»، كما تزعم منظمة «هيومان رايتس واتش»، التي تسبقها سمعتها؟! وهل يمكن أن نصدق أن هناك قانونًا يتيح للسلطات تحديد نسل تلك الفئة بالذات؟!. والسؤال الأهم: لماذا يتم تجاهل ١٢ ألفًا من المدنيين البوذيين قالت منظمة «إيكو» الأوروبية إنهم اضطروا إلى النزوح من «راخين» أيضًا؟!.

*******

هل استوقفك أنني أكرر من يصفونهم بـ«مسلمي الروهينجا»؟!.
سبب ذلك هو أنني غير مقتنع بوجود بُعد ديني للأزمة، أما البعد العرقي أو وصفهم بـ«الروهينجا»، فلا تعترف به الحكومة البورمية، وتحظر استخدامه سواء في الاستعلاء على سكان راخين أو في دعوات بعض هؤلاء السكان الانفصالية. وكان هذا الوصف سببًا، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية (أ.ف.ب)، في حدوث صدامات بين هيئة الإذاعة البريطانية، «BBC»، والسلطات هناك. إذ نقلت الوكالة عن مسئول في التليفزيون البورمي، رفض الكشف عن هويته، أن «المشكلة» تكمن في استخدام تسمية «روهينجا» في برامج الـ«BBC». وقال «إنهم ما زالوا يستخدمون كلمة روهينجا التي لا تتلاءم وسياستنا».

المشكلة، التي يتحدث عنها المسئول مجهول الهوية، هي أن الـ«BBC» أعلنت، الإثنين، وقف خدمتها باللغة البورمية للتليفزيون البورمي، منددة بفرض «رقابة» عليها في بلد يعد فيه التطرق، خصوصًا إلى أقلية الروهينجا المسلمة، من المحظورات.

وفي التفاصيل، نعرف أن الـ«BBC» تنتج منذ أبريل ٢٠١٤ من مقرها في رانجون نشرة إخبارية يومية لقناة «ميانمار تي في»، وأنها قررت وقف هذا التعاون، الإثنين، بسبب «رفض القناة عرض عدد من برامجها منذ مارس».

عليك إذن أن تصدق أن الـ«BBC» صبرت طوال مارس وأبريل ومايو ويونيو ويوليو وأغسطس، وأن صبرها لم ينفد إلا يوم الإثنين ٤ مايو!. ولا تشغل بالك مؤقتًا بأن بريطانيا كانت تحتل ميانمار حتى ١٩٤٨، وأنها منذ ذلك الوقت تحاول أن تجد لها موطئ قدم هناك، وتسعى لاستصدار قرار أممي بالتدخل العسكري، كما أن واشنطن حاولت مرارًا دفع مجلس الأمن إلى فرض وتشديد عقوبات. لكن تلك المساعي فشلت بسبب اعتراض الصين وروسيا.

سبب الموقف الصيني والروسي، يعود إلى أن ميانمار تجاور الصين من الناحية الجنوبية الغربية، وبينما يطل شمال ميانمار على الصين، فإن غربها على المحيط الهندي. وهناك معلومات متداولة تقول إن الصين تخطط لتوسيع علاقاتها مع جارتها لتتمتع بمزايا استخدام سواحلها كمنافذ لصادراتها ووارداتها ولإمدادات النفط والغاز، تحسبًا أو تفاديًا لاحتمالات تعرضها لحصار قد تفرضه أمريكا بالسيطرة على منطقة بحر الصين الجنوبي، وهي الخطوة التي يقال إنها ضمن مخطط أمريكي يستهدف تطويق الصين!.

*******

اللافت هو أن وصف «مُسلمي الروهينجا» لم يرد ذكره أيضًا في الـ١٠٠٠ كلمة، تقريبًا، التي ألقاها الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، ٣ يناير الماضي، في افتتاح أولى جولات «ملتقى شباب بورما للحوار من أجل السلام»، التي أقامها مجلس حكماء المسلمين، تحت عنوان «نحو حوار إنساني حضاري من أجل مواطني ميانمار»، وهو الملتقى أو الحوار الذي تم برعاية وتحت رئاسة الدكتور الطيب باعتباره رئيس المجلس: مجلس حكماء المسلمين.

وأتذكر أنه فور انعقاد تلك الجلسة أو تلك الجولة الأولى، ظهر من يزعمون أنها ليست أكثر من محاولة من الأزهر للتأكيد على الدور الذي يقوم به لحل الأزمة، وأن المؤتمر ليس سوى وسيلة لرفع الحرج عن الأزهر الذي زعموا أنه تجاهل ما قالوا إنه «قتل وتعذيب للمسلمين» في ميانمار منذ فترة طويلة. لكن الأهم، ممن زعموا أو قالوا، هو أن الدكتور الطيب اختتم كلمته بـ«أتمنى أن يكون لقاؤنا خطوة أولى للقاءات قادمة على طريق صنع سلام عادل ودائم من أجل ميانمار».

لم تتحقق أمنية الدكتور الطيب، ولم تكن هناك لقاءات أو جلسات حوار أخرى. حتى الإثنين الماضي الذي صدر فيه بيان عن مجلس حكماء المسلمين استخدم وصف «مسلمي الروهينجا»، وحذّر فيه من استمرار تقاعس المجتمع الدولي عن التدخل بحسم لإنهاء معاناة «مسلمي الروهينجا في بورما، ووقف ما يتعرضون له من قتل وتهجير»، معتبرًا أن ذلك «يشكل تهديدًا جديًا للأمن والسلم الدوليين، ويعكس مجددًا سياسة الكيل بمكيالين تجاه القضايا والأزمات الدولية، مما يغذي مشاعر الحقد والكراهية والتطرف عبر العالم».

ودعا مجلس حكماء المسلمين في البيان إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية بصلاحيات كاملة، لوضع السلطات البورمية أمام مسئولياتها الإنسانية والقانونية. كما شدّد المجلس على «ضرورة اضطلاع الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمنظمات الدولية والإنسانية بمسئولياتها تجاه تلك المأساة التي تتوالى فصولها منذ سنوات، مما أدى لمقتل وتشريد مئات الآلاف من مسلمي الروهينجا، فيما فشلت السلطات البورمية في توفير الحماية لمواطنيها».

ابتلع رقم «مئات الآلاف» وأنت ساكت، وخذ نفسًا عميقًا، قبل أن تقرأ أن مجلس حكماء المسلمين ذكر أن «ميثاق الأمم المتحدة يخوّل لمجلس الأمن الدولي سلطة التدخل الدولي تحت الفصل السابع، في الحالات التي تشكل تهديدًا للأمن والسلم الدوليين، مشددًا على أن الوضع في مناطق مسلمي الروهينجا يستوجب التدخل السريع»!

مع نفس عميق آخر، حاول أن تستوعب ما نقلته «رويترز»، الإثنين، عن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إنه يطالب زعماء العالم ببذل المزيد لمساعدة «مسلمي الروهينجا» الذين يواجهون ما وصفه بـ«إبادة جماعية». وأنه قال في إسطنبول خلال مشاركته في جنازة جندي تركي: «لقد شاهدتم الوضع الذي فيه ميانمار والمسلمون.. شاهدتم كيف أحرقت القرى.. وظلت البشرية على صمتها على المذبحة في ميانمار». وأضاف أن تركيا ستثير القضية في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك هذا الشهر.

وبعد أن تضع منديلا على أنفك، حتى لا تتأثر بالروائح الكريهة المنبعثة من تصريحات «أردوغان»، عليك أن تتوقف عند قوله «لقد شاهدتم... إلخ» واسأل السؤال المنطقي: شاهدوا أين؟!. وتذكّر أن غالبية إن لم يكن كل ما تم عرضه ملفق أو مفبرك!. والإشارة هنا واجبة إلى أن تركيا كانت أول من أدان بشكل رسمي ما يحدث ضد من يوصفون بـ«مُسلمي الروهينجا»؛ إذ أدانت الحكومة التركية الإثنين قبل الماضي، ٢٨ أغسطس، ما وصفتها بـ«المجازر التي تشبه الإبادة الجماعية في ميانمار»، مُطالبةً على لسان المتحدث باسمها «منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمجتمع الدولي بألا يلتزموا الصمت حيال ما يحدث من مجازر في ميانمار».

*******

بعد الصور المزيفة أو المفبركة.. والمعلومات التي تخاصم بعضها ويصعب توثيقها، نأتي للأعداد أو الأرقام المتضاربة بشأن الأحداث الأخيرة والتي ذكرتها مصادر ليست فوق مستوى الشبهات. إذ كانت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين، قد أعلنت الثلاثاء، أن منظمات الإغاثة تواجه صعوبات في إيواء اللاجئين، عقب عبور «مسلمي الروهينجا» إلى بنجلاديش. وقال جوزيف تريبوا، المتحدث باسم المفوضية في دكا: «لدينا تقدير يشير إلى أن ما لا يقل عن ١٢٣ ألف شخص دخلوا بنجلايش عقب اندلاع العنف في ولاية راخين في ٢٥ أغسطس الماضي».

لكن الرقم طبقًا لما نقلت «رويترز»، الإثنين، عن «وكالات الإغاثة» كان ٧٣ ألفًا فقط، في تقرير ذكر أن أكثر من ٤٠٠ شخص سقطوا قتلى في شمال غرب ميانمار على مدار الأسبوع الماضي في هجمات شنها متمردون على مواقع أمنية وخلال حملة شنها الجيش. بينما كان الرقم الذي نقلته رويترز، الجمعة ١ سبتمبر، هو ٣٨ ألفًا ونسبته إلى مصادر بالأمم المتحدة، في تقرير ذكرت فيه أن من وصفتهم هذه المرة بـ«متمردين من الروهينجا» قاموا بمهاجمة «نقاط للشرطة وقاعدة للجيش في ولاية راخين مما أثار اشتباكات وهجوما مضادًا من جانب الجيش». وكان تقدير المنظمة الدولية للهجرة، للعدد بنحو ١٨ ألفا. أما عدد الضحايا، الذي قدرته «وكالات الإغاثة» الإثنين بـ ٤٠٠ شخص، طبقًا لما نقلته «رويترز»، فقد نقلت وكالات أنباء قبل أسبوع، أي الإثنين ٢٨ أغسطس، عن أنيتا ستشوج المتحدثة باسم «مجلس الروهينجا الأوروبي» زعمها «مقتل ما بين ألفين و٣ آلاف من مسلمي الروهينجا بنيران الجيش وقوات الأمن».

أعد قراءة الأرقام السابقة، قبل أن أعود بك إلى أحداث مشابهة جرت سنة ٢٠١٢، وقيل وقتها إنها أسفرت عن نزوح ١٤٠ ألف شخص من «مسلمي الروهينجا»، ومنذ أقل من سنة، تحديدًا في أكتوبر ٢٠١٦، تجددت الأحداث وقيل إن السلطات أحرقت ١٥٠٠ مبنى، ونزح ٨٧ ألف شخص إلى بنجلاديش، وفي كل المرات ترصد (أو تزعم) تقارير المنظمات الحقوقية، أن هناك تعذيبًا وقتلًا جماعيًّا واغتصابًا جماعيًّا لمن تصفهم بـ«مسلمي الروهينجا».

*******

إجمالًا، فإن خريطة المنطقة والأطراف المتداخلة في الصراع، قد تجعلك تشك في أن للدين علاقة بالموضوع، إلا عبر محاولة استغلاله، والمتاجرة به، كما جرت العادة. وقد يكون الأقرب إلى المنطق هو أن الجهل والفقر وعدم توافر الخدمات، هي أبرز أسباب ما يجري هناك، أو تستغله أطراف خارجية لإشعال الموقف كلما أرادت، باستخدام دعوات انفصالية من مجموعات مسلحة، لها محاولات وسوابق. وقد تكون تلك الأطراف هي نفسها التي تستخدم أو تقوم بتحريك ما يُوصف بتنظيم «مجاهدي الروهينجا»، الذي يُشاع أنه أحد فصائل تنظيم «القاعدة»، ويشاع أيضًا أن للقاعدة أذرعًا أخرى داخل تلك المنطقة، بما قد يربك كل الحسابات ويزيد تعقيدها تعقيدًا.

وقد يدعم ما سبق، دعوة تنظيم «القاعدة» في اليمن إلى شن هجمات إرهابية ضد سلطات ميانمار لدعم ما وصفها بـ«أقلية الروهينجا المسلمة». وطبقًا لما ذكره مركز «سايت» المتخصص في رصد مواقع الإرهابيين، فإن قياديًا بارزًا بفرع القاعدة في اليمن، يُدعى خالد بطر، دعا في رسالة مصورة نشرتها مؤسسة «الملاحم الإعلامية» التابعة للتنظيم، المسلمين في بنجلاديش والهند وإندونيسيا وماليزيا إلى دعم إخوانهم من مسلمي «الروهينجا» في المواجهة ضد «أعداء الله».

الخلاصة، هي أنه لا خلاف على إدانة وشجب أحداث العنف ضد المدنيين المسالمين والسلميين، سواء في ميانمار أو في غيرها. وأنه على كل عاقل أن يطالب حكومة بورما باتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف أعمال العنف حتى لا يؤدي استمرارها إلى تصاعد التوتر وتغذية التطرف والإرهاب. وأعتقد أن على العاقل أيضًا أن يضع دوائر حمراء حول أي مطالبة بتدويل الصراع، أي صراع، أو محاولات استصدار قرارات أممية، تتيح لقوى غربية التدخل عسكريًا في أي دولة، إذ لم يحدث أن تدخلت تلك القوى في دولة إلا لوجه مصالحها، ولم يحدث أن انتهى هذا التدخل بغير الخراب.

وأخيرًا، وبما أننا جميعًا متفرجون، ولا ناقة لنا ولا جمل.. ومع عدم وجود معلومات من مصادر موثوقة لما نقرؤه أو نقوم بـ«الفرجة» عليه، لا يكون عليك إلا أن تـ«بص في ورقك»، ولا ترهق ذهنك بـ«حسبة بيرما» أو ميانمار أو «بورما»!.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف