المصريون
محمود سلطان
أزمة عمرو خالد مع الإسلاميين!
عمرو خالد، شخصية عامة، وبالتالي فهو عرضة للاختلاف عليه، وهو يمتلك أسلوبًا يعجب طبقات اجتماعية معينة، ولا يعجب قطاعًا واسعًا آخر من المصريين.
ظاهرة طبيعية، والأصل في الكون وفي العالم كله، هو التنوع والاختلاف.. والاستثناء هو التطابق والتشابه والتوحد!
وعمرو خالد في النهاية، ومهما قيل عنه، فهو شخصية ناجحة.. ويمكن القول إنه "داعية" وحده في حجم "تنظيم": بل إنه وحده تفوق في التأثير على الحركات الإسلامية، التي لم تعثر على خبزها اليومي، إلا في الطبقات الشعبية الفقيرة والأقل تعليمًا وثقافة.. بينما عمرو خالد، ترّبع على قلوب الطبقات الاجتماعية المخملية، والتي بطبيعتها المترفة، أقل قابلية لأسلمة حياتها اليومية.. إنها مهارة وموهبة وفتح "إلهي" لا يمكن إنكاره وتجاهله.
مشكلة عمرو خالد مع الإسلاميين.. هي ذات مشكلة التيار الأخير مع المجتمع ككل.. عندما استبطن الإسلاميون منطق "العسكرة": الصف الواحد، و"الأفرول الواحد"، الجلباب الأبيض القصير واللحية، والانضباط ـ"تمام يا فندم" ـ ثم السمع والطاعة هذا الاستبطان أحال الإسلاميين إلى طاقة رفض لا تقبل إلا كل من يتطابق أو يتشابه معهم، أي الدخول في "الصف" وارتداء ذات "الأفرول"!!.. والاستعلاء على من دون ذلك بوصفه "مبتدعا"!
لذا ستظل أزمة عمرو خالد مع الإسلاميين.. هي ذات أزماتهم مع كل داعية لا يدخل الصف ويلبس "الأفرول" ويقول "تمام يا فندم".. وكذلك هي ذات أزمتهم مع كل مؤسسة دينية رسمية تنافسهم الشرعية على تمثيل الإسلام، فهم على سبيل المثال لا يكفون عن التهكم والسخرية من الأزهر وشيوخه.. لأنه يهدد وجودهم من الأصل، ويستعصى على "التجنيد" والدخول في الصف ويلبس ذات "الأفرول".
لا يدرك الإسلاميون أن "العسكرة" صحيح أنه تقاليد خاصة بالجيوش، ولكن إذا نقلت إلى أية جماعة أو تنظيم مدني، فإنها تحيله إلى قوى نظامية، يمثل تهديدًا أيضًا للتقاليد السياسية المدنية، لا يقبل في صفوفه إلا "اللائق" بعد مروره بكشف هيئة.. وما إذا كان سيقبل بتلك التقاليد: من أول لبس ذات الأفرول إلى الخضوع لعلاقات التراتبية التنظيمية "السمع والطاعة" للرتب الدينية الأعلى.
مشكلة عمرو خالد الأخيرة مع الإسلاميين، ينبغي أن تقرأ من خلال هذا السياق، وهي قراءة قد تكون نقدية للعقل الإسلاموي الذي تأسس في مصر والعالم العربي، كرد فعل على الانبهار بتثوير التشيع السياسي في إيران منذ عام 1979.. ولكنها أيضا ـ وأرجو أن يتقبل الإسلاميون النقد ـ قراءة تأتي في إطار تنويري، لعل وعسى أن تجد أذنًا صاغية.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف