لا يعرف الإنسان قدر الشيء وأهميته إلا إذا افتقده وصدق الشاعر أبوفراس الحمداني حين قال: وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر.. كانت الشرطة المصرية بيننا وحولنا. نشعر بوجودها وأهميتها إلا أننا نعتقد أن ذلك شيء عادي. لا يتمعن أحدنا في الأهمية العظمي والضرورية لوجود رجالها إلا قليل هم الذين لهم معها خدمات مباشرة.
بعد ثورة 25 يناير 2011 سيطر البلطجية واللصوص والأوباش علي الشارع المصري وانحرفت الثورة عن أهدافها النبيلة التي قامت من أجلها عيش. حرية . عدالة اجتماعية أساء هؤلاء إلي الثورة اساءة بالغة. وصلت إلي درجة أن الناس لعنوا الثورة التي كانت سببا فيما أصاب البلاد اعتدي المسجلون إجراميا علي اقسام الشرطة فدمروا بعضها. واتلفوا أخري وسرقوا اسلحة واعتدوا علي الضباط والأفراد في كثير من الاماكن واضطر الجيش للنزول لحماية الاماكن العامة. والمنشآت الحكومية يومها استشعرنا مدي الخطر الذي عم البلاد والضرر الذي لحق بالأمة.
نعم الجيش له من الامكانات الكثير الذي يحمي الوطن إلا أن التعامل مع المدنيين يحتاج إلي خبرة خاصة. وامكانيات معينة تتفق وداخل المدن والأماكن المدنية المزدحمة بأنماط من البشر تختلف اخلاقهم وميولهم وانتماءاتهم خلاف التعامل مع العدو المحدد في الحدود وفي الصحراء.
أصيبت وغيري بقلق شديد في تحرك الأولاد والأسر وخاصة السيدات والأطفال.. واصبح البلطجية يرتعون في الشوارع ممسكين بالسيوف أو مصطحبين كلابا ضخمة يجوبون الطرقات يزعجون المارة ويبثون في قلوبهم الرعب والخوف كان تحرك الناس محدوداً وبحذر.. حينها عرفنا قيمة الشرطة ومكانتها في المجتمع واهميتها اذكر أن الجلسات في المحاكم تعقد في حماية رجال الشرطة. وبعضنا كان لا ينطق بأحكام مشددة إلا بعد اخبار قائد الحرس بالمحكمة لتأمين القاعة من ذوي المتهمين أو المحكوم عليهم بعد الثورة قل تواجد الحراس الذي فضل ارتداء الزي المدني حتي لا يتعرض لبذاءة المجرمين وذويهم.
ظن المسجلون اجراميا وأرباب السوابق ان الثورة أباحت لهم كل شيء حتي ارتكاب ابشع الجرائم وأخطرها عند نظر احدي قضايا السرقات كان المتهمون متلبسين بالمسروقات وهي عبارة عن أسلاك كهرباء الضغط العالي مما تسبب في قطع الكهرباء عن العديد من القري والمصانع المجاورة ولدي حضور المتهمين بالجلسة راعت المحكمة صغر سنهم إذ لم يتجاوز عمرهم العشرين إلا بقليل وإذا بهم في القفص بعد دخول الهيئة إلي غرفة المداولة يصيحون قائلين: "هم الناس دي مش عارفة إننا في ثورة هو فيه حد يتحبس في الثورة" وكأن الثورة للفساد وللفوضي والاجرام. ولدي خروجنا من المحكمة إلي الاستراحة تتبعنا واحد من ذويهم. فترحمت علي ايام الامن والامان في ظل رجال الشرطة.
تلهفت واسرتي وغيرنا علي عودة الشرطة للشعور بالاطمئنان النفسي الذي نعيشه في ظل قوتها وانتظامها إلي أن اذن الله بعودة الامور إلي نصابها.
اذكر في تجهيزي لزفاف احد ابنائي اقتصرت علي اقامة الحفل بنادي القضاء النهري بطنطا بدلا من السفر إلي القاهرة لاتمامه في احد الاماكن المحجوزة مقدما وقد ورد إلي مقدم الحجز المدفوع قبل الثور يومها افتقدت رجل الشرطة.
اقتربت من رجال الشرطة اكثر في عملي القضائي وفي اثناء اجراء العمليات الانتخابية وخرجت منهم بصداقات ساد فيها الاحترام والود ومن الضباط الذين لهم في نفسي هذا الود والاحترام حتي الآن المرحوم اللواء جميل ابوالدهب والمرحوم اللواء عطية محمود الذي هنأت الأمن به حين عين مديرا للأمن واللواء عبدالمنعم موسي امد الله في عمره هو واللواء رمزي تعلب وغيرهم كثير تعرفت عليهم فيما سبق وفي لجان العمد والمشايخ بمديرية أمن الغربية.
من أفضل المواقف التي مرت بي موقف اذكرها بكل حب واحترام واجلال حين تعرض حفيدي يوسف لخطأ طبي في الحضانة واحتاج لأكياس دم وبلازما وبعد تعب وجهد شديد في البحث عنهما لم اجد من ينصفي ويسعف الحالة الحرجة والقاسية إلا الضابط إيهاب سويد بالأمن الوطني بطنطا الذي بادر بالبحث شخصيا عن مكان حصلت منه علي ما يحتاجه حفيدي الوليد ولم أكن اعرفه من قبل وليس لي به سابق معرفة إنما استجاب للرجاء والنجدة.. هذا الموقف الانساني الرائع سوف يظل مسجلا في أعماقي واعماق اسرتي تذكرت ذلك كله يوم قضي معي حفيدي يوم عيد الاضحي 1/9/..2017 نعم الشرطة المصرية في خدمة الأمة.