ماجد حبته
نصيبك من الـ«70 مليار» دولار!
قد أرى فى عينيك حسرة وأسمعك تهاجم «مبارك»، وربما يجعلك العنوان تدافع عنه وتسب وتلعن مهاجميه أو منتقديه و«أراك عصى الدمع»!. لكننا لسنا بصدد إعادة تقييم رئيس أسبق، غادر منصبه منذ ستة أعوام ونصف، وتلاه رئيس حالى، بعد فاصل كوميدى كاد أن يكون تراجيديًا. لسنا بصدد ذلك، وما يعنينا الآن هو أموالك، التى قيل إنه استولى عليها، والتى كانت ٧٠ مليار دولار، تخصه وحده، فى فبراير ٢٠١١ ونزلت إلى ٤٣٠ مليون دولار، تخص كل رجاله أو كل الأفراد الذين انتموا إلى نظامه، بينما عجزت عن الوصول إلى معلومة، أو شبه معلومة، تحدد نصيب الرجل منها!.
مناسبة هذا الكلام، أن السلطات القضائية السويسرية أبلغت النائب العام المصرى بأن إجراءات المساعدة القانونية المتبادلة، بشأن تجميد الأصول المملوكة لأفراد مصريين منتمين إلى نظام مبارك، تم إغلاقها دون أن تسفر عن أى نتائج مادية. وأوضحت وزارة الخارجية السويسرية، فى بيان نقلته سفارة سويسرا بالقاهرة، الأربعاء ٦ سبتمبر، أنه «كان على السلطات القضائية السويسرية أن تستنتج أن المتطلبات القانونية لم تتحقق، ولاسيما فيما يتعلق بالصلة بين الجرائم المزعومة وسويسرا، وعلاوة على ذلك، برأت المحاكم المصرية عدة أشخاص متورطين، أو أبرمت اتفاقات للمصالحة القانونية أو لم يعد بعض الأشخاص تحت الملاحقة القضائية».
قبل أن تقول «راحت فلوسك يا صابر»، و«تتقمص» وتتقمّص دور فريد شوقى فى فيلم «الأبطال»، أضيف بأن البيان أوضح أن تلك الأصول التى تبلغ حوالى ٤٣٠ مليون دولار أمريكى، ستظل مجمدة على أساس الإجراءات الجنائية المستمرة، وعلى أساس مرسوم الحكومة السويسرية. وأن «التحقيقات القضائية حول الأموال المجمدة مستمرة فى كلا البلدين بشكل مستقل». وأن «إجراءات المساعدة القانونية المتبادلة هى مجرد جزء من التحقيقات، ولم يتم اتخاذ القرار النهائى بشأن الأموال المجمدة فى البنوك السويسرية بعد، لأن هذا القرار يعتمد على عوامل أخرى أيضًا». كما أكد البيان أن التعاون بين جمهورية مصر العربية وسويسرا فى هذا الملف كان ولا يزال جيدًا جدًا.
الأموال أو الأصول، إذن، ستظل مجمدة، وطبقًا لتصريحات السفير ساهر حمزة، سفيرنا بسويسرا، فى ١٧ مايو ٢٠١٤ فإنها تخص ١٤ شخصًا ممن وصفهم بـ«رموز نظام مبارك» وقيمتها ٧٠٠ مليون فرانك (الدولار الأمريكى = ٠.٩٦ فرنك سويسرى). وعرفنا منه أيضًا أن المجلس الفيدرالى السويسرى قام بتمديد التجميد حتى فبراير ٢٠١٧. ثم عرفنا، فى ١٧ أبريل الماضى، أن مدة التجميد امتدت لعام آخر، أى حتى فبراير ٢٠١٨، من تصريحات لماركوس لايتنر، السفير السويسرى بالقاهرة.
بعد أن اطمأن قلبك إلى أن قرار السلطات القضائية السويسرية لا يعنى الإفراج عن الأموال المجمدة، أسمعك تسأل: كيف انكمش الرقم بهذا الشكل؟!.
وأجيب بأن المدعى العام السويسرى حين حلَّ ضيفًا على محمد مصطفى شردى فى النهار، ١٩ ديسمبر الماضى، أوضح أن الأموال المجمدة كانت ٦٠٠ مليون فرانك وبعد براءة بعض الأشخاص صارت ٤٠٠ فقط. ومع أن الرجل كان يتحدث، بالصوت والصورة، إلا أن صحفًا ومواقع إلكترونية نسبت إليه عناوين من عينة «مدعى عام سويسرا: أموال مبارك المجمدة ٦٠٠ مليون فرنك وانخفضت لـ٤٠٠ بسبب تغير معدلات الصرف»!. ولو سألتنى عن سبب اختلاف ما قاله الرجل عما تم نقله عنه، سأقول لك «عادى وبيحصل وأكتر من كده وربك بيزيح»!.
أراك تطلق زفرة، وتقول بضيق أو غيط، إنك لم تكن تسأل عن الانكماش من ٧٠٠ إلى ٦٠٠ إلى ٤٠٠ أو ٤٣٠ مليونا. وستلفت نظرى إلى تقرير نشرته الـ«الجارديان» البريطانية، فى ٤ فبراير ٢٠١١، كان عنوانه «خبراء: ثروة مبارك تصل إلى ٧٠ مليار دولار»!. وعندئذ، سأطلب منك أن تقرأ التقرير، لتكتشف أن أمانى جمال، أستاذ العلوم السياسية فى جامعة برينستاون، هى التى قالت إن ثروة الرئيس الأسبق تتراوح بين ٤٠ و٧٠ مليار دولار. وأنها «وحدها» هى التى وصفها العنوان بـ«خبراء»، ووصفتها مقدمة التقرير بـ«خبراء اقتصاديون من الشرق الأوسط». بينما سيقودك قليل من البحث إلى أن دراسات «الخبيرة» واهتماماتها تتركز حول أعراق وجذور عرب أمريكا، أو نفى فكرة أن المسلمين هم العرب وأن العرب هم المسلمون، بما يعنى أنها ليست خبيرة اقتصادية ولا بـ«تفهم» فى الاقتصاد!.
كانت تلك هى قصة أو أسطورة الـ٧٠ مليار دولار التى قيل إن «مبارك» يمتلكها وحده، ولعلّك ما زلت تتذكر الأساطير التى تم تداولها عن أطنان الذهب والبلاتين: «فلوس رزم رزم.. ودهب سبايك سبايك.. وألماظ صُرَر صُرَر.. و٧ عمارات بحرى بحرى و٣ عزب فى المنوفية مرويّة بالراحة»!. واحتفظ بزفرتك، ولا تبلع ريقك قبل أن أضيف أن الأستاذ فهمى هويدى ذكر فى مقال، نشرته الشروق ٥ سبتمبر ٢٠١٢، نقلًا عن الـ«جارديان»، نعم، الـ«جارديان» مرة أخرى، وعن هيئة الإذاعة البريطانية، BBC، أن «خبراء البنك الدولى قدروا حجم الأموال المنهوبة من مصر خلال الثلاثين سنة الأخيرة (سنوات عهد مبارك) بنحو ١٣٤ بليون دولار من بينها ٥٤ بليونا فى السنوات الثمانى الأخيرة». ولاحظ أن «البليون» هو «المليار»، لكن الأستاذ هويدى بـ«يحب» يتفذلك!.
هل ما زلت تحسب نصيبك من الـ١٣٤ بليون دولار أو الـ٧٠ مليارا أو الـ٤٣٥ أو الـ٤٠٠ مليون؟!. أرى أن البديل الأفضل والحل الأمثل، هو أن تبيع الآلة الحاسبة، وتستلف «أى تقترض» لتكمل ثمن تذكرة فيلم «الكنز» وعلبة «فشار»!.