اللواء- طلعت-أحمد- مسلم
تعاون دولى مع من يصنعون الإرهاب
منذ اندلاع الإرهاب فى أعقاب فض احتلال رابعة والنهضة، أدركت الحاجة إلى تعاون شعبى ودولى، فلولا الدور الدولى فى الإرهاب ما استمر الإرهاب فى وضعه الحالى، فكلما فقدت العناصر الإرهابية بعض قوتها ساعدتها قوى دولية فعوضت خسائرها واستأنفت نشاطها. وكانت هناك علامات تشير إلى أن قوى كبرى متورطة فى دعم الإرهاب، بل أكثر من ذلك كان هناك شعور بأن هذا الإرهاب مصنوع وممول بواسطة الولايات المتحدة، لكن أحدًا لم يمتلك قرينة أو دليلًا على ذلك، غير أن هذا الدليل ظهر أخيرًا.
نعم، فقد نشر موقع «نيوزبد» فى ٢٩ أغسطس الماضى أن مراسلة صحفية تدعى دليانا جايتاندزهيفا جرى التحقيق معها فى الولايات المتحدة لأنها كشفت، أو سربت دليلًا موثقًا، وكشفت عن علاقات مباشرة لبعض أكبر الأسماء فى الدولة العميقة فى الولايات المتحدة وعملية شاركت فيها الولايات المتحدة بمخابراتها المركزية، وحلف شمال الأطلنطى، وهى العملية المسماة «جلاديو بى».
وقد جرى التحقيق معها بواسطة قوى الحكومة للأمن الوطنى فى الولايات المتحدة وفصلت من عملها للكشف عن عمليات سرية تقوم بتسليح مباشر لتنظيم ما يسمى بالدولة الإسلامية فى العراق والشام «داعش» وتشتمل على وكالة المخابرات المركزية للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلنطى وكبار مهربى الأسلحة، وأجراها أفراد معروفون جيدًا فى الدولة العميقة. وأن العملية اشتملت على ما لا يقل عن ٣٥٠ رحلة طيران دبلوماسى «أؤكد دبلوماسى» تحمل أسلحة لإرهابيين، وأن شخصًا بلغاريًا غير معروف سرب معلومات ضخمة بحجم ١٠ جيجابايت عن رحلات «خطوط طريق الحرير الجوية» لمساعدة الإرهابيين، وأن العملية شاركت فيها بشكل خاص أذربيجان وبلغاريا، لإرسال أسلحة إلى الإرهابيين فى سوريا والعراق وأفغانستان وباكستان والكونغو، وشارك فيها حلف شمال الأطلسى ووكالة المخابرات المركزية للولايات المتحدة ووزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون»، وذلك فى ملتقى لكبار مهربى الأسلحة فى العالم وأمراء الحرب فيما سمى بالعملية «جلاديو بى»، وأن بها جواسيس وحلفاء متسترين راوغوا التحقيق وتهربوا من الحقائق، وقد ظهر الكثير عن العملية فيما أطلق عليه «أوراق بنما». وأن إسرائيل قد وقعت عقدًا بما قيمته ١.٦ بليون دولار مع أذربيجان فى إطار العملية، ونشرت الصحفية صورة عقد لنقل أسلحة يوضح أن وكالة مكتب التعاقد هى «قيادة العمليات الخاصة للولايات المتحدة» ومكتب التعاقد هو «قيادة العمليات الخاصة الأمريكية الإقليمية». أما توقيت العمليات السابقة فكما أشارت الصحفية المذكورة قد استمرت العملية منذ عهد الرئيس الأمريكى الأسبق جورج دبليو بوش، وخلفه الرئيس السابق باراك أوباما، وأن العملية ما زالت مستمرة فى عهد الرئيس الحالى دونالد ترامب.
هدف ما سبق هو بلقنة سوريا والعراق وتنفيذ ما يسمى بخريطة طريق لهيمنة إسرائيل والولايات المتحدة فى الشرق الأوسط.
هل فى مثل هذه الأحوال يكون الحديث عن التعاون الدولى فى مكافحة الإرهاب واقعيًا؟ إن هذا يتطلب حدًا أدنى يشتمل على اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية وحلف شمال الأطلنطى «٢٧ دولة» بأنها أخطأت وأنها تُوقف مثل هذه العمليات فورًا، وحتى يتم ذلك فعلينا أن نعتمد على أنفسنا، وألا نمنى أنفسنا بتعاون ممن يصنعون الإرهاب، بل علينا أن نعيد تقييم تعاوننا معهم.