الجمهورية
علاء طة
التعليم "طوق النجاة"
غض البصر عن التدهور في التعليم المصري تحت دعوي إرث العقود الماضية تضليل. والتباطؤ في التعامل مع الأزمة بدعوي قلة الموارد المالية جريمة. والتسويف والعشوائية في وضع استراتيجية شاملة قرار بالانتحار.
كل الأحلام الوطنية بالتقدم والتنمية والخروج من الكبوة الاقتصادية وبناء جيش قوي يعيد مصر لدورها في المنطقة والعالم لا تحقيق لها بعيداً عن العلم. وكل الأماني الشعبية بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية لا تكليل لها دون تعليم جيد.
النمور الآسيوية نهضت بعد الحرب العالمية الثانية بالتعليم.. كوريا الجنوبية المثال البارز خرجت ممزقة من الحرب. ومشتتة من الاحتلال الياباني. وبدت بائسة بعد حكم ديكتاتوري مستبد. لكنها أنفقت بسخاء علي التعليم فصارت في صدارة اقتصاديات العالم. وتحتل للعالم الثالث علي التوالي قائمة أفضل تعليم في العالم حسب تقرير المؤسسة الأمريكية غير الربحية social progress lmperitive لأكثر الدول التي نجحت في تقديم أكبر فرصة لمواطنيها لتلقي العلم.. وتنفق سنوياً 11 مليار دولار علي التعليم الأساسي.. والأمر متكرر في اليابان وسنغافورة وهونج كونج والصين وماليزيا.
القاعدة الرسمية في العالم للتقدم معروفة: كلما زاد الانفاق علي التعليم وتجويدة وعلي البحث العلمي كلما زاد التقدم الصناعي والتكنولوجي.. فالتعليم يصنع مواطناً قوياً يستطيع التغلب علي المشاكل والأزمات.. بالنسبة لنا التعليم ليس رفاهية.. التعليم أهم من المشاريع الكبري والتسليح وافتتاح المصانع والمدن الجديدة فهو حائط الصد ضد التطرف والتشدد. ولن ننتصر في معركة الإرهاب بدون ثورة في العقول ونهضة في التعليم.
مستقبل مصر في التعليم.. لكننا لا نتحرك لحل الأزمة.. وكل تأجيل يؤخرنا عن العالم. ويخرجنا من الحضارة الإنسانية.. وترك مسيرة التعليم لمزاج وزير تلو الآخر دون استراتيجية وطنية مضيعة للوقت.. والمؤتمرات والندوات والمناظرات والمقالات تبدو ثرثرات صالونات لا طائل منها.. ما نحتاجه تحرك من البرلمان والحكومة والمجتمع لوضع استراتيجية شاملة لتجويد التعليم. وانتشاله من هوة الدروس الخصوصية ومناهج التلقين والحفظ إلي براح التعليم من أجل مواطن واع يستطيع أن يواكب العالم وينافسه.. والمهم ربط التعليم بالتنمية والاقتصاد.. والأهم القضاء علي الفوضي في التعليم الأساسي ما بين التعليم الحكومي و التجريبي والخاص والدولي.. لا توجد دولة في العالم لديها كل هذه الفوضي ما بين مدارس عربي ولغات وأزهري وخاص وشهادات دولية.. نحن أمام بيزنس يقدم شهادات فقط.
لن نتحرك خطوة واحدة للأمام سوي بتحرك كل مؤسسات الدولة من السيادية إلي المدنية والأهلية لإنجاز ملف التعليم.. نربط علي بطوننا من أجل تربية أولادنا وتعليمهم.. ولا تظنوا أن الاستثمار في التعليم هباء منثوراً فهو أهم من دعم التموين والخبز والطاقة.. بحسبة بسيطة لو حلت الدولة الأزمة ووفرت مدارس جيدة فهي توفر للأسرة أكثر من ثلث ميزانيتها الشهرية.. لو ألقت لنا الحكومة بطوق النجاة من مافيا الدروس الخصوصية والمدارس الأجنبية والدولية فهي توفر لنا آلاف الجنيهات.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف