الأهرام
أحمد عبد التواب
مسلمو الروهينجا والمسلمون الآخرون.
لم يعد من الممكن إخفاء هذه الازدواجية التى يقترفها الكثيرون فى بلادنا، لأنه حتى الدول العظمى فى عالمنا المعاصر صارت تعجز عن التمويه على سياساتها وأسبابها وأهدافها. كما أن هذه الازدواجية قد تجاوزت التفريق القديم الشائع بين المسلمين وغير المسلمين، إلى التفرقة بين المسلمين وبعضهم البعض! ودخلت فى ذلك عوامل طائفية ضد غير المسلمين، وعوامل مذهبية ضد المسلمين من فرق أخري. وفى كل الأحوال، هناك عوامل تمويلية لها المقدرة على توجيه المواقف، بل وعلى ضبط نبرات الاعتراض والاحتجاج والشجب والإدانة، ومن الطبيعى أن يكون هنالك دائماً جماهير مشحونة بالفجيعة على أشقائهم فى الإسلام أو فى المذهب!

خذ الجريمة الكبرى التى يتعرض لها مسلمو الروهينجا منذ عقود والتى دخلت بؤرة الاهتمام العالمى هذه الأيام، والتى يجب أن يدان مقترفوها بأوضح وأشد العبارات مع وجوب السعى الجاد لوقف تدهور الأوضاع والعمل بكل الطاقة على حل المشكلة من جذورها. ولكن، وحتى يكون الموقف متسقاً فى سياسة لا عِوَج فيها، ينبغى أن يكون المطالبون بحقوق الروهينجا ملتزمين بنفس الرأى والموقف فى حالات مسلمى العراق وسوريا وفلسطين وغيرهم، وكذلك أن يكونوا متصدين لأى اضطهاد يقع على غير المسلمين، خاصة فى بلد المنتقدين. أما أن يسود صمتهم فى حالة أن يكون المسلمون ضحايا اضطهاد إسلاميين من جماعات أو حكومات، وأما أن يسكتوا على اضطهاد يقع فى بلادهم على غير المسلمين إلى حد منعهم من ممارسة شعائرهم الدينية، فهذه هى الازدواجية التى تطعن فى حجية ما يدعون أنه موقف مبدئى فى دفاعهم عن مسلمى الروهينجا.

وفى كل الأحوال، يجب دراسة التفاصيل التى تشكل التعقيدات التى من الواجب استيعاب دقائقها. ففى حالة الروهينجا، لا يجوز الصراخ بأنها حرب صليبية جديدة ضد المسلمين، فى سياق لا يوجد فيه مسيحيون! كما أن الأخبار تتحدث عن موقف يحتاج الدراسة من بنجلاديش دولة الجوار المسلمة حيث لا يجد الفارون إليها الحماس المرجو. ومن المهم، على وجه الخصوص، إيجاد تفسير للاهتمام المفاجئ من القوى العظمي.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف