الجمهورية
عبد الرحمن فهمى
فوزي سليمان مات زاهداً صامتاً
ياه!!!... هل هذه هي نهاية من ظل حوالي خمسين عاماً يملأ الصحف والمجلات بمقالاته وموضوعاته وآرائه وأفكاره وتأملاته.. لف العالم كله بدعوات شخصية من كل مهرجانات السينما في العالم كله.. زار كل ـ أو معظم ـ عواصم العالم.. صديق شخصي لعدد كبير من نجوم العالم.. لذا كان من أول من اختارهم كمال الملاخ ليخوض معه معركة "مهرجان السينما" لأول مرة في تاريخ مصر التي عرفت حاجة اسمها السينما وأنتجت أفلاماً بعد أمريكا مباشرة.. وكان أحد مؤسسي مهرجان الإسكندرية السينمائي.. أيضاً..
ياه يا عم فوزي سليمان.. لا أعرف ـ أنا وغيري ـ خبر وفاتك ـ رحمك الله تعالي ـ إلا من صديق لك اسمه الدكتور أديب حليم جبرة.. كتب لك نعياً "عشرة أسطور" في "الأهرام"!!! يقول فيه انه لا ينسي مقابلاته لك في عدد من عواصم العالم حينما كنت تحضر مهرجانات السينما العالمية كثيراً علي مدي سنوات طويلة.. وتكرر اللقاء.. وازدادت روابط الصداقة.. ثم فوجئ الرجل بخبر وفاتك!!! ولولا هذه السطور العشرة في برواز في صفحة الوفيات في "الأهرام" ما عرفت هذا الخبر الحزين.
***
كان فوزي سليمان زاهداً في كل مباهج وغير مباهج الدنيا كلها.. كانت مقابلاتي معه قليلة سريعة خلال مهرجان الإسكندرية السينمائي.. كان المرحوم فوزي قد وضع الدنيا كلها خلف ظهره.. لا يريد أن يشترك حتي في الندوات التي تنعقد علي هامش المهرجان حتي تلك التي كان يحضرها الوزير ـ أياً كان طوال سنوات المهرجان ـ حتي حفله النهائي الذي كان يحييه كبار المطربين والمطربات علي حمام سباحة فندق شيراتون المنتزه مع العشاء والتذكرة كانت بـ 300 جنيه من زمان.. كان زاهدا في كل ذلك.. وغيره وغيره.. كان الزهد والعفاف والصمت والبعد عن الناس والمكان شعاره في الأيام التي كانت تجمعنا في الاسكندرية خلال المهرجان.
قيل لي إنه رفض العمل في الصحف الجديدة التي ظهرت في السنوات الأخيرة كناقد سينمائي له ثقله وعلمه وتاريخه واتصالاته وقراءاته.. ورفض أن يكتب مقالات أو يجري أحاديث عقب عودته من أي مهرجان عالمي.. كان الزهد كله.. عشق الظلام تاركاً الأضواء.. واحترف الصمت بعيداً عن اللغو والكلام الذي لا يفيد.
***
بعد النعي الواضح بالبنط الكبير في رأس عمود "الأهرام" الذي كتبه مشكوراً صديقه الذي تعرف عليه في عواصم العالم.. وكان في "أهرام" الخميس.. حرصت علي أن أقرأ نعياً عادياً في صفحة الوفيات يومي الجمعة أو السبت "أمس وأول أمس" فلم أجد.. تصفحت صحف الفن في هذين اليومين فلم أجد!!!
ياه.. هل هذه هي نهايتنا.. بعد أن كتبنا ملايين بل مليارات الصفحات والعواميد... يبخل أبناء اليوم بعشرة سطور بعد أن نتركهم!!!
***
في النهاية.. أقول لصديق العمر.. ابن الأسرة العريقة الأمير أباظة رئيس مهرجان الاسكندرية السينمائي أن يبحث عن زميلنا في جميع مهرجانات الاسكندرية ـ إذا كانت له أسرة وأبناء لهم حق علي الدولة والفن والإعلام والصحافة.. عدم نشر نعي.. ولا حتي كلمة وداع.. ولا حتي كلمة نفاق.. أعطتني مؤشراً حزيناً لنهاية من يستحق بحق التكريم.. تكريم بكل أشكاله المادية والمعنوية.. ما رأي الأخ الأمير "اسم علي مسمي"؟؟!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف