د . جمال المنشاوى
هنية وقادة حماس في القاهرة.. يا للهول؟!
حسب التعبير المشهور والصرخة المعروفة للممثل المصري الراحل يوسف وهبي عندما يتعرض لموقف غريب فيصرخ (ياللهول), يحق لنا أن نطلق تلك الصرخة المدوية عندما نري السيد إسماعيل هنية الزعيم الفعلي لحركة حماس وقادة الحركة متواجدين في القاهرة, ويُقابلون بصفة رسمية, ويُستقبلون استقبال الفاتحين والأصدقاء المحبين, ووجه الإندهاش والاستغراب أن أجهزة الإعلام المصرية وأذرعها المنتشرة بمذيعيها المشهورين وكلها ليست بعيده عن توجيهات وتعليمات أجهزة المخابرات التي دخلت علي خط التوجيه المباشر أو بالإيحاء لخط شيطنة حماس, وتحميلها كل أو أغلب ما حدث في مصر بعد وأثناء الثورة, من فتح للسجون واقتحامها وتهريب أفرادها وأفراد حزب الله الذي كانوا معتقلين في سجون مصر ومنهم سامي شهاب وغيره, وإخراج قادة الإخوان المصريين من السجون ومنهم محمد مرسي الذي اتصل بعد خروجه مباشرة وهو في الطريق لبيته بقناة الجزيرة, وكان هذا الاتصال ذريعة اتهام له بالتخابر مع حماس, وصبحي صالح وأحمد عبد الرحمن من أعضاء مكتب الإرشاد, ولا ننكر أن حماس استفادت من الانفلات الأمني وقت الثورة, وعملت علي تهريب أفرادها المعتقلين إلي غزة, وهو أمر وارد جداً في مثل هذه الحالات, لكن تحميلها عبء هذا الانفلات وإقحامها في خطة اقتحام السجون المصرية بكاملها, وإغفال خطة حبيب العادلي (المختفي الآن إكلينيكياً وبفعل فاعل للهروب من تنفيذ حكم عليه بالسجن برغم وجوده تحت المراقبة!) وهي فتح السجون لإخراج البلطجية وقطاع الطرق ومدمني المخدرات ليشيعوا الفزع والرعب في المجتمع ويلصقوا الأمر ويحملوه للثورة وأنها سبب هذا الانفلات والخراب!, ثم تطور الأمر بعد ذلك بعد ظهور التنظيمات المسلحة في سيناء بقوة وقيامها بقتل العديد من أفراد الجيش المصري وبأعداد كبيرة في عمليات نوعية تدل علي تخطيط محكم وتدريب عال, فانطلقت نفس الآلة الإعلامية إلي اتهام حماس أنها المدبر والمدرب, والمخطط والمنفذ لتلك العمليات, وارتفعت الوتيرة واشتد التحريض وبلغ مداه بالدعوة لضرب غزة, واتهام حماس أنها منظمة إرهابية وليست حركة مقاومة ضد الاحتلال الصهيوني, وظهرت الكثير من القضايا ضد قادة الإخوان وكان من ضمن الاتهامات التخابر مع جهات أجنبية ومنها حماس, واتهام حماس بقتل المتظاهرين في التحرير وغيره بواسطة القناصة فوق أسطح مباني التحرير, رافعين العبء عن كاهل قناصة الداخلية الذين اصطادوا المتظاهرين أمام شاشات التلفاز وعلي رؤوس الأشهاد, وكان القصد كله تبييض وجه نظام مبارك, وإبعاد شبهة القتل عنه بإيعاز وتخطيط من دولته العميقة التي يتواجد ويترعرع ويتغلغل رجالها في كل المجالات وبالذات الأجهزة الحساسة ومراكز إتخاذ القرار, إذن منبع الاندهاش أن تكون هذه الحركة الشيطانية, القاتلة للمصريين عسكريين ومدنيين, المتآمرة علي مصر, المزلزلة لاستقرارها, والداعية لتفتيتها,والجالبة لمعارضيها, والمهددة لحدودها, علي اتصال مباشر في كل الأوقات مع أجهزة المخابرات المصرية من أيام عمر سليمان وحتى الآن, مغفلين تماماً ما تتحدث به أدوات الإعلام المصرية الموجهة أساساً للشعب لشيطنة حماس والإخوان, فلم يتوقف الاتصال بحماس والتنسيق معها إلا في أوقات قليلة جداً, توترت فيها ألأمور ثم عادت لطبيعتها إدراكاً من الطرفين بالأهمية التي يشكلها كل فريق للآخر, فغزة لا تستغني عن مصر كعمق إستراتيجي لها ومنفذ علي العالم تستطيع التنفس من خلاله، علاوة علي إمدادها بالكهرباء والبترول والغذاء الأساسي للقطاع, وإن كان التهريب عبر الأنفاق وسيلة منتشرة فيما قبل فقد تم تحجيمه الآن بعد إغلاق أكثرها وتدميره, ويبقي إستفادة الجانب المصري من حماس وحاجته لها كعمق استراتيجي أيضا, وكضابط لحدودها من تسلل أفراد من الجماعات المسلحة المعارضة للنظام المصري, وكورقة دبلوماسية تستخدمها مصر في الضغط علي أمريكا عندما تريد تنفيذ أجنده معينه أو إمرار صفقة محددة تكون حماس طرفاً فيها فتكون مصر هي الوسيط وأداة الضغط, كما حدث مرات عديدة في عهد عمر سليمان مهندس الاتصالات مع حماس وفي عهد مرسي وبعده, الشاهد الآن والرسالة التي يجب أن يتلقاها الجميع وخاصة أفراد الشعب المصري أنه ليس كل ما يقوله الإعلام صحيحاً, وليس كل ما يصرخ به مذيعون معينون مُوجهون صادقاً, بل تثبت الأيام عكسه, وإلا لو صدق كلامهم لوجبت محاكمة من يستقبلون ويتحالفون مع حماس قاتلة الجنود, مًنتهكة الحدود, ناقضة العهود.
وليس لنا في النهاية إلا أن نصرخ مع يوسف وهبي (إسماعيل هنية وحماس في القاهرة....ياللهول !؟)