الجمهورية
صالح ابراهيم
..حتي يعود أسطوات مصر.. لأرض الله الواسعة
* في الوقت الذي تبحث فيه غرفة الصناعات النسجية مع المسئولين عن التعليم الفني.. تدريب حوالي مليون شاب وفتاة في مصانع الملابس الجاهزة.. تمهيداً لتشغيلهم في صناعة تحظي بمساحة كبيرة من اهتمامات التصدير.. وبمرتبات تبدأ بالحد الأدني "1200 جنيه" لتصل بعد عام من التثبيت إلي ثلاثة آلاف جنيه.. تجد التعليم الفني مازال واقفا أمام معضلة الشباب "قوي الإنتاج الرئيسية" لعدم الإقبال علي التعليم الفني.. علي الرغم من الظاهرة الخادعة للخبراء.. بتصاعد الحد الأدني لمجموع القبول بهذا النوع من التعليم خلال السنوات الثلاثة الأخيرة.. ليتجاوز المجموع القبول بالتعليم الثانوي العام.. البوابة المضمونة إلي الجامعات والمعاهد العليا.
** مدير برنامج دعم التعليم الفني والتدريب المهني يقول ان ثقافة التوك توك وانتشارها بين المصريين تسببت في عزوف الشباب عن تعلم الحرف الصناعية والزراعية واللجوء إلي شراء أو تأجير توك توك للعمل عليه بهدف الكسب السريع.. "الإحصائيات تشير إلي حوالي 3 ملايين توك توك تجوب شوارع القري قبل المدن.. والمحافظات قبل القاهرة علي الرغم من قرار رسمي صادر بعدم الاستيراد ثم التحايل عليه.. بالتصنيع المحلي مع استيراد الموتور علي انه قطع غيار".. والكلام مازال للدكتور إيهاب شوقي مدير البرنامج الذي أشار إلي احتمالات تعرضهم للإصابة أو العجز مع تحديد المشروع رأس المال.. وغياب حقيقة ان تعلم الحرفة يوفر فرصة حقيقية للعمل والتقدم في المجال الصناعي.. ويطالب بدراسة محايدة لظاهرة تواجه الآلاف من الوظائف.. بالقلاع الصناعية.. ليعلن عنها ولا يتقدم إليها أحد.
** ونحن نضيف لذلك ان انتشار التوك توك وغيره من فرص العمل الهامشية أو التكدس الملحوظ في العمالة غير المنظمة "المطاعم.. الخدمات.. الحراسة والنظافة إلخ" يصيب التاريخ الحضاري والمكانة التي تمتعت بها أم الدنيا في تخريج المهني الماهر.. منذ أيام الفراعنة والتي أسهمت في تحقيق نقلات حضارية "مازالت بصماتها موجودة" في كثير من الدول والامبراطوريات التي مر قادتها علي مصر.. ولفت نظرهم القيمة المضافة والنادرة في مجالات البناء والتعمير وشق الطرق والترع.. وإنشاء القناطر وغيرها.. بدءا من معجزة الأهرامات.. وجعلت هؤلاء القادة يأخذون معهم العمال المهرة.. والأسطوات معهم ليبنوا عواصمهم ومدنهم وأبرز مثال لذلك ما فعله السلطان سليم الأول لبناء القسطنطينية.
** هذه الحفرة تحولت بمرور الأيام إلي جب عميق.. قضي علي الصناعات اليدوية التراثية مثل حرير أخميم وصناعات خان الخليلي.. فعزف الاسطوات.. وامتنع الصبية عن الحضور.. وعرفنا التسرب من وسائل التعليم.. وأصبحت عمالة الأطفال للأسف مصدرا لرزق الأسرة.. ربما بصورة غير شرعية وصلت إلي مغامرة للهجرة إلي الخارج بدون أي ضمانات.. ناهيك عن اشغال الأطفال خاصة الذين تركوا أسرهم بسبب أو لآخر لتتلقفهم عصابات حولتهم لأطفال شوارع.. مصدر رزقهم بيع المناديل الورقية وزهور الفل ومسح زجاج السيارات أو التسول في الميادين لحساب البلطجية.. مبتكري العاهات والانسانيات التي تجلب الدموع والنقود.
** بل ان الأوضاع الاجتماعية الصعبة ساعدت علي احتفاظ بعض هؤلاء بمقاعدهم الدراسية والحصول علي شهادة بالغش غالباً.. وجاءت الذروة في ارتال التوك توك التي تنتظر أصحابها للعمل بعد انتهاء اليوم الدراسي.. وأصبح الباب مفتوحا أكبر لسرقة هؤلاء الصغار.. الذين يمثلون الاحتياطي الاستراتيجي لقوة العمل لبناء نهضة الوطن.. ولم يعد الحل في توعية الجهات المسئولة عن التعليم الفني والتدريب المهني تحت مظلة واحدة.. بل أصبح من الضروري التحام التدريب والتأهيل بين القوة القادمة والمنشآت المتاحة.. سواء كانت زراعية أو صناعية أو فندقية.. إلخ.. علي أساس عقود رعاية واضحة.. تلزم الشاب بالعمل بهذه المنشآت لفترة معينة بعد التدريب علي رأس العمل للوفاء باحتياجات التشغيل والاستثمار.. وحتي ينتهي اللغز الذي نشكو منه جميعا.. ليس فقط بالنسبة لعمالة مطلوبة بمئات الآلاف لقلاع صناعية.. لا تجد من يدق عليها الباب.. ولكن يمتد ذلك لأصحاب المعاش المبكر الذي يملكون الخبرة والرغبة في حياة أفضل.. ولتختفي من قاموس الإنتاج المصانع المتوقفة عن العمل.. بل وتستعيد العمالة المصرية المدربة الشابة.. مكانة الآباء والأجداد الاسطوات العظام الذين بنوا حضارة العالم القديم وأثبتوا وجودهم وتفوقهم في العالم الجديد أيضاً وتنتظر سواعدهم أرض الله الواسعة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف