ذات صباح. منذ يومين أو أكثر.. استيقظت من النوم وأمسكت بصحف الصباح ففوجئت بأن الدوري العام ابتدأ والمباريات أقيمت والنتائج سُجلت!!.. هكذا في السر.. يبدو أن مباراة أوغندا استأثرت بكل المساحات الرياضية في وسائل الإعلام!!.. لقد كنا زمان نستعد لبداية الدوري قبل أول مباراة بشهر أو علي الأقل ثلاثة أسابيع.. بداية من يضع الجدول؟!.. كان هناك محترفون في هذا الشأن.. ماتوا جميعاً بداية من محمود بدرالدين. وعبدالمنعم الديب. وأبوالعز. وغيرهم من "الغوالي".. جدول الموسم المنقضي لا يصلح للموسم الذي سيبدأ.. لابد من دراسة ما حدث في الموسم الماضي.. ثم دراسة سلوك الأندية. فلم يتغير بعد لاعبوهم.. أندية مشاغبة. وأندية مسالمة.. الأندية المشاغبة لها علاج من البداية.. تلعب ضد الأندية الكبري لكسر أنفها من البداية.. أنا أضرب لك أمثلة.. مثلاً مثلاً.. ظهرت فكرة أن مباريات القمة من الخطأ أن تكون في نهاية الموسم!!.. لماذا؟!.. لأن هناك ناديين أو ثلاثة في نهاية الموسم لا تهمهم النتيجة. فالهبوط إلي المظاليم مؤكد.. ومباراتهم مع الزمالك أو الأهلي محل شائعات لا حد لها.. شائعات أو حقائق. المهم أن هذه المباريات بالذات في نهاية الموسم "صداع سنوي" في رأس الاتحاد!!.. وهناك قصص كثيرة مشهورة في هذا الشأن.. وهنا ظهرت فكرة.. لماذا لا تكون مباراتا القمة وسط الجدول؟!.. وقد كان.. تم تنفيذ الفكرة!!
بعد موسمين.. علت صيحة مدوية: "عودوا إلي النظام القديم"!!!... لماذا يا هذا؟!.. مباراة آخر موسم لها إيراد يفوق إيراد عشر مباريات عادية.. واتحاد الكرة يهمه هذا الإيراد لأن له نسبة من إيراد المباريات.. ولكن الأهم من الإيراد الإعلانات.. تكثر إعلانات الملعب في هذه المباريات بالذات لدرجة وضع بعض الإعلانات خلف المرميين علي الجانبين. لأن أسفل المدرجات امتلأ عن آخره.. واتحاد الكرة يعتمد في إيراداته علي نسبته في إيرادات كل المباريات. وعلي نصيبه الأكبر في الإعلانات.
* * *
وعلي فكرة.. كلمة "إيراد المباراة" نقول عنها في الوسط الكروي كله "جيت".. نقول إيراد المباراة: "الجيت اليوم كذا".. والجيت كلمة فرنسية معناها البوابة الحديدية الضخمة علي أبواب الأندية وغير الأندية.. وفي فرنسا نفسها أطلقوا كلمة "جيت" علي إيراد أي مباراة!!.. وشاعت الكلمة بين العديد من الدول. وأصبحت تطلق علي إيراد المباريات عندنا أيضاً.
* * *
وقبل بدء الدوري بأسبوع علي الأقل نبدأ في عمل "ماكيت كتيب الدوري العام" كتيب في حجم الكف بالضبط تضعه في جيبك بسهولة.. الكتيب عبارة عن جدول الدوري كاملاً.. كل صفحة فيها خانة لأسماء الأندية وخانة لعدد المباريات. وخانة لنتيجة آخر مباراة. وخانة للتاريخ. وخانة لترتيب الأندية.
الكتيب ليس فيه أي مقال أو كلام!!.. كله جداول فقط.. وكان توزيعه رهيباً من أسوان إلي مطروح لعشاق الكرة في كل مكان.. يباع الكتيب في أكشاك بيع تذاكر المباريات وفي الأندية.. وكان الأهم من إيراد المبيعات إيراد الإعلانات.. كان التنافس كبيراً علي الإعلان في هذا الكتيب.. كان هناك إعلان صغير خمسة سم في الصفحة الأولي ومكرر في كل الصفحات. وهذا أغلي إعلان.. خلاف إعلانين للغلاف الأخير.. وكانت أهمية هذه الإعلانات لاتحاد الكرة أن المرحومين عبدالله عبدالباري. ومدير إعلانات الأهرام ومساعده سيد مرسي. يدفعان قيمة الإعلانات قبيل صدور الكتيب.. وكنت أصر علي الطبع في مطابع الأهرام التجارية ليس من أجل الإعلانات فقط. بل أيضاً كنا نحصل علي خصم كبير.. سنوات طويلة قضيناها بين الصحافة والكرة.