الدستور
د.أنور عشقى
قصة انهيار «الجزيرة».. منذ «التأسيس الإسرائيلي» حتى «فضائح الربيع العربي»
منذ أن بدأت قناة «الجزيرة» إرسالها عقب انتهاء حرب الخليج الثانية، أحدثت تغييرا فى العالم العربى، فى الوقت الذى كانت فيه قناة «CNN» تغطى الأحداث فى ذلك الوقت، وكان التغيير الذى أحدثته «الجزيرة» من خلال شعارها «الرأى والرأى الآخر»، وكان العالم العربى تواقًا لحرية الرأى بعد أن تحرر من الاستعمار.
وكان تأسيس القناة فى أول نوفمبر من عام ١٩٩٦، كقناة إخبارية، تناولت الأنباء العربية والشئون الجارية، ثم توسعت القناة حتى أصبحت شبكة إعلامية دولية بعدد من المنافذ، منها شبكة الإنترنت، والقنوات التلفازية المتخصصة بلغات متعددة فى عدة مناطق من العالم.
وما إن نجحت «الجزيرة» فى جذب المشاهدين إليها، حتى أخذت فى استعداء الشعوب على حكوماتهم التى كانت تصفها بالاستبداد والديكتاتورية، ثم انتقلت إلى دعم ثورات الربيع العربى، كان تركيزها ينصب على شعوب دول مجلس التعاون الخليجى، وبعد الربيع العربى كرست جهودها لمناصرة «الإخوان المسلمين»، ثم مالبثت أن فقدت مصداقيتها.

بدأت بدعم مليونى من الأمير القطرى.. وأصبحت «مَضيَفة» تل أبيب
اكتسبت القناة اهتمامًا عالميًا فى أعقاب هجمات ١١ سبتمبر ٢٠٠١، عندما كانت القناة الوحيدة التى كانت تغطى الحرب فى أفغانستان على الهواء مباشرة من مكتبها فى أفغانستان، وكانت تبث أشرطة الفيديو لـ«أسامة بن لادن» وغيره من زعماء تنظيم «القاعدة»، كما اكتسبت اهتماما من الشعوب العربية لتغطيتها الثورات العربية فى تونس ومصر وليبيا وسوريا واليمن.
اهتمت فى يونيو ٢٠١٢ بالرياضة، وتم فتح قناة bein SPORT فى فرنسا، فأولت شيئا من اهتمامها للبرامج الرياضية، وفى غضون ٣ أشهر فتحت ١٠ قنوات رياضية وأصبحت أشهر قناة رياضية فى فرنسا.
بدأت القناة بدعم من أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثانى بمبلغ ١٥٠ مليون دولار أمريكى، وتزامن إنشاؤها مع إعلان القسم العربى لتلفاز هيئة الإذاعة البريطانية التى نشأت بالاشتراك مع المملكة العربية السعودية، وأغلقت بعد سنتين بسبب استضافة بعض المعارضين فانضم عدد من العاملين الذين وجدوا أنفسهم بلا عمل إلى «الجزيرة».
عندما انطلقت «الجزيرة» كانت دون إعلانات، وعندما استهدفت الاكتفاء الذاتى بحلول عام ٢٠٠١ من خلال الإعلانات تعرضت للمملكة العربية السعودية فأحجم الممولون السعوديون عنها فخسرت، فدعمها الأمير حمد بمبلغ ٣٠ مليون دولار بدءًا من عام ٢٠٠٤ وبدأت فى البث عن طريق «الكايبل» وحصلت على الاشتراكات بالإضافة إلى صفقات البث المباشر مع شركات أخرى، وبيع اللقطات، حتى شكلت الإعلانات ٤٠٪ من عائدات المحطة.
فى أواخر سبتمبر من عام ٢٠١١، تم تعيين الشيخ أحمد بن جاسم بن محمد آل ثانى مديرًا عامًا للشبكة بدلا من وضاح خنفر الذى كلف بمهمة أخرى، كما تعين عبدالله بن عيسى القائم نائبا لمدير «الجزيرة مباشر» وأيمن جاب الله، أما مصطفى سواق الجزائرى فقد عين مديرًا تنفيذيًا لقناة «الجزيرة» الناطقة بالعربية، والمصرى إبراهيم هلال رئيسًا لتحرير الأخبار فى القناة، وحيدر عبدالحق مديرًا للقسم الرياضى، وأصبح للجزيرة أكثر من ١٠٠ محرر.
وعندما تم تعيين الشيخ أحمد بن جاسم بن محمد آل ثانى وزيرًا للاقتصاد كلف مصطفى سواق بعمله بالإضافة إلى صلاحيات المدير العام بالوكالة، وبدأ الكثير من العالم العربى ينظرون إلى «الجزيرة» باعتبارها مصدرًا موثوقًا للمعلومات أكثر من القنوات الحكومية والأجنبية.
استخدم المعلقون والباحثون أسلوب «السياقة الموضوعية» التى تسلط الضوء على التوتر بين الموضوعية ونداء للجمهور، فكانت أكثر القنوات العربية مشاهدة فى الشرق الأوسط، وفى يناير ٢٠٠٣ أعلنت هيئة الإذاعة البريطانية أنها وقعت اتفاقا مع قناة «الجزيرة» لتبادل المعلومات والتسهيلات بما فيه لقطات لنشرات إخبارية.
وأخذت إسرائيل تظهر بشكل روتينى على قناة «الجزيرة»، لكن فى السنوات الأخيرة تراجعت المصادر الحكومية الإسرائيلية فى الظهور لكنها عادت فيما بعد، وفى الضفة الغربية أغلقت السلطة الفلسطينية مكاتب «الجزيرة» فى ١٥ يوليو ٢٠٠٩ ردًا على ادعاءات القناة التى قالها فاروق قدومى بأن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس قد شارك فى وفاة ياسر عرفات.
ووصفتها وسائل الإعلام الفلسطينية بأنها غير متوازنة، واتهمتها بالتحريض على منظمة التحرير والسلطة، وبعد ٤ أيام ألغى الرئيس محمود عباس الحظر وسمح لـ«الجزيرة» باستئناف بثها وعملها.

من اعتقال المراسلين وإغلاق المكاتب حتى القصف الصاروخى
أثناء الغزو الأمريكى لأفغانستان عام ٢٠٠١، وفى يوم ١٣ نوفمبر، دمر صاروخ أمريكى مكتب «الجزيرة» فى «كابول» دون خسائر فى الأرواح، وفى التحضير لغزو العراق ٢٠٠٣ استأجرت وزارة الدفاع الأمريكية مجموعة «ريندون» لمعاقبة الصحفيين فى «الجزيرة»، وشجب بعض المسئولين الأمريكيين «الجزيرة»، واعتبروها معادية لأمريكا وتحرض على العنف.
وتطرق برنامج تليفزيونى تبثه قناة «الجزيرة» للمملكة العربية السعودية واستضافت أفرادًا اعتبرت السعودية أنهم تعرضوا للملك عبدالعزيز رحمه الله المؤسس وأسرة آل سعود، وأدى هذا البرنامج لسحب السعودية سفيرها صالح الطعيمى من «الدوحة» عام ٢٠٠٢.
وفى الكويت، تم إغلاق مكتب «الجزيرة» عام ٢٠١٠ بعد رفضها إلغاء استضافة نائب مجلس الأمن الكويتى مسلم البراك على خلفية تغطية «ديوانية الحربش»، وفى اليمن أغلق مكتب «الجزيرة» على إثر تغطية الاحتجاجات اليمنية.
وفى بغداد ضرب صاروخ مكتب «الجزيرة»، وقتل طارق أيوب فى ٨ أبريل ٢٠٠٣ وأصيب آخر، رغم أن القوات الأمريكية أبلغتها عن إحداثياته حتى يمكن تجنبه، وفى ٣٠ يناير ٢٠٠٥ أفادت «نيويورك تايمز»، بأن حكومة قطر تحت ضغط من إدارة بوش كانت تفكر فى خطط لبيع المحطة، لكن لم يتم ذلك.
وفى كمين جنوب غرب مدينة «بنغازى»، اغتيل على حسن الجابر أثناء تغطية الانتفاضة الليبية عام ٢٠١١، أما الرئيس الأمريكى جورج بوش فقد فكر فى قصف قناة «الجزيرة» فى «الدوحة» فى أبريل ٢٠٠٤ عندما كانت قوات «المارينز» تجرى عمليات هجومية على «الفلوجة».
وتعرضت قناة «الجزيرة» للمقاطعة المؤقتة والاحتجاجات فى عدة دول منها الصومال وإسبانيا والمملكة المتحدة وأمريكا، كما تعرض بعض مراسليها للاعتقال مثل سامى الحاج وتيسير علونى وغيرهما.
ومن أهم المنافسين لـ«الجزيرة» قناة «العربية» التى أنشئت عام ٢٠٠٣، ونجحت فى جذب كثير من جمهور «الجزيرة» وكسبت تأييد شريحة واسعة من العالم العربى، كما أنشأت الولايات المتحدة قناة «الحرة»، ثم ظهرت قناة «روسيا اليوم»، و«فرنسا ٢٤»، و«برس TV» و«BBC العربية»، وذلك فى ١١ مارس ٢٠٠٨.
وأقيل وضاح خنفر، المدير العام لقناة «الجزيرة»، نتيجة عاملين، الأول الصراع بينه وبين عزمى بشارة، فهو يعرف أن عزمى بشارة إسرائيلى عربى يمثل مصالح إسرائيل فى القناة، وخنفر فلسطينى من اللاجئين.
أما العامل الثانى فهو علاقة وضاح خنفر مع الولايات المتحدة بعد أن سربت «ويكيليكس» أن هناك تعاونا بين الولايات المتحدة ووضاح خنفر، وتضمن التعاون إزالة مواد تضر بالصورة والجيش الأمريكى فى العراق.
وكانت استقالته يوم الثلاثاء ٢٠ سبتمبر ٢٠١١، وهو ينتمى لجماعة الإخوان المسلمين فى الأردن، ونشط بحركة «حماس»، وكان من قادتها فى السودان عندما كان طالبًا.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف