حسام حافظ
أبيض وأسود.. الجيل الرائع
من الصعب ان تجد أحد المهتمين بالسينما في مصر ولا يعرف الراحل الكبير فوزي سليمان.. ذلك الرجل الجميل الذي فقدناه هذا الأسبوع عن 91 عاماًَ. عاشها نموذجاً لعاشق السنيما المعطاء الذي لا يبخل علي فنان أو ناقد بكلمة تشجيع يستحقها. لأن فوزي سليمان بدأ حياته العملية معلماً لذلك فإن مفتاح شخصيته كان الرعاية والتوجيه قبل النقد والتقييم.
كان فوزي سليمان يبدأ يومه في الصباح بعدد من المكالمات التليفونية "الضرورية" من وجهة نظره. وهي ضرورية لأنه لا يستطيع مقابلة 20 شخصاًَ في اليوم الواحد. لكن علي الأقل يستطيع أن يتحدث إليهم تليفونياً. وتبدو هذه المكالمات وكأنها للمجاملة والثناء علي عمل الآخرين. ولكن الحقيقة أنه كان في حاجة نفسية إلي الحديث مع الناس. وكان يشعر بالرضاء والسلام الداخلي عندما يمنح الفنان كلمة طيبة عن فيلم كتبه أو إخرجه أو قام بالتمثيل فيه. كذلك يشعر فوزي سليمان بالسعادة عندما يقول للناقد إنه قرأ مقاله المنشور اليوم ونال اعجابه.
وشاء القدر أن يرحل فوزي سليمان ونقاد السينما مشغولون بجدل كبير حول واحد من الأفلام المهمة التي يشاهدها الجمهور حالياً وأقصد فيلم "الكنز" وكانت الحكاية في البداية بسيطة ما بين معجب بالفيلم ورافض له. وبما أن كل عصر له أدواته في التعبير فان "الفيس بوك" اليوم أصبح وسيلة الاتصال رقم واحد قبل اللقاء الشخصي وقبل التليفونات. وهو وسيلة ليست بين طرفين اثنين بل يطلع عليها المئات وأحياناً الآلاف في نفس اللحظة. واستخدم البعض للأسف الشديد الألفاظ الخارجة والشتائم ضد الفيلم المذكور. لكن الجديد أن أحدهم قام بسب كل الذين أعجبهم الفيلم. وهي سابقة غريبة جعلتني أترهم علي فوزي سليمان وجيله الرائع ومن بعده جيل محمد خان وسمير فريد الذين رحلوا أيضاً. ولم يكن أحد من هؤلاء يسمح لنفسه أبداً أن يتجاوز في حق الأخرين بهذه الصورة.
السؤال الآن: هل أصبحت الديكتاتورية هي السمة الغالبة علي البشر في هذا الزمان؟ وهل ساهم "الفيس بوك" في صناعة ديكتاتوريين صغارا وهم ليسوا فقط يرفضون الرأي الآخر بل يسبون من يعتنقه!!.. الحمد لله أن فوزي سليمان مات قبل ان يقرأ ويسمع هذه المهازل.