عباس الطرابيلى
وظيفة والمرتب.. مجرد البقشيش!
بسبب نقص فرص العمل المتاحة الآن.. نجد شبابنا يقبلون العمل - فى أى عمل - ويقبلون أن يكون البقشيش هو الراتب الوحيد.. والأساسى على الأقل!! وهذه الوظائف تتراوح بين العمل فى محطات البنزين وركوب موتوسيكلات الموت الحديثة المعروفة باسم الدليفرى وقد انتشرت هذه النوعية ولم تعد مقصورة على العمل فى المطاعم العصرية، للوجبات السريعة، فقط.. بل امتدت إلى الصيدليات ومحال البقالة الكبرى والصغرى «!!» وأخيرًا وجدنا «دليفرى الفاكهة والخضار».. ليس هذا فقط، بل هناك دليفرى الجزارين ودليفرى السماكين.
وزمان عرفنا دليفرى الزبادى..ودليفرى المكوجي.. ودليفرى الأفوان أى موزعى الخبز.. ولا ننسى هنا العبقرى شفيق نور الدين دليفرى عائلة الدوغرى الذى كان يقوم بتوزيع الخبز على الشقق كل صباح.. وكان بائع الزبادى يوزع سلطانيات الزبادى الفخارية - وكانت من مقاسين.. الصغيرة بقرش والنصف والكبيرة بقرشين.. ثم يقوم من جديد صباح اليوم التالى بجمع «السلاطين الفارغة»!!
ولكن دليفرى هذا الزمان تطور منهم من يحمل شهادة «الدبلون» أقصد الدبلوم! ومنهم من يحمل المؤهل الجامعى أيضًا.. وبسبب ضعف فرص العمل نجد من هؤلاء من قبل العمل فى توزيع السلع بدون راتب شهرى ثابت أو واضح وهم يقبلون ذلك اعتمادًا على حجم ما يحصلون عليه من بقشيش «أو تيبس» وكان هذا البقشيش معقولاً.. عندما كانت الأسعار معقولة.. والحصيلة طيبة بالذات لمن يجد الفرصة الذهبية فى أحد المطاعم المشهورة.. أو محلات الحلويات الشرقية المعروفة وكان العمل فى محطات البنزين يوفر حصيلة طيبة لمن يعمل فيها بسبب ارتفاع حصيلة البقشيش، الآن انخفضت الحصيلة بعد ارتفاع أسعار البنزين وزيادة عدد العاملين..وإذا كان منهم من قبل زمان العمل بالمحطات دون راتب اعتمادًا على البقشيش، فإن الأوضاع الآن تغيرت..
ونلاحظ أن محلات الدليفرى زمان لم تكن تحصل لنفسها على مقابل توصيل الطلبات ولكنها لجأت أخيرًا إلى إضافة مقابل لهذه الخدمة الدليفري وهذا بالتالى أدى إلى انخفاض حصيلة عامل الدليفري نفسه الذى كان يقاتل وينطلق كالصاروخ، بالموتوسيكل، بين السيارات لتوصيل ما لديه ليعود ويحصل على أمر تشغيل آخر ليزيد مما يحصل عليه وبذلك تحول عامل الدليفرى وعامل الموتوسيكل والموتوسيكل نفسه إلى وسيلة للقتل «موتو.. سيكل» وكله بسبب البقشيش.. وربما يكون هذا الموتوسيكل ملكًا لعامل الدليفرى نفسه.
وللأسف وجدنا فى عالم الصحافة من بعض الصحف الخاصة من يقبل أن يعمل فيها دون أى راتب من الصحيفة.. على أن يكتفى الصحفى الجديد ولو مرغمًا بالحصول على بدل التكنولوجيا الذى تقدمه الدولة من خلال النقابة وهو 1400 جنيه أى قريب من الحد الأدنى للأجور.
بل وعرفنا أن بعض الصحف كانت تقتسم مع الصحفى هذا البدل النقدى مقابل تحرير عقد عمل له.. ليلتحق بالنقابة.. وحتى ينعم بالبدل النقدى للتكنولوجيا وهناك للأسف أعداد كبيرة من الصحفيين يمثل بدل التكنولوجيا لهم كل الأجر الذي يعيشون منه وهم هنا بالضبط تمامًا مثل من يعمل فقط مقابل البقشيش أقول ذلك رغم قسوة التشبيه، ولكن تلك حقيقة نعرفها نحن عواجيز الصحفيين.. ومن هم أيضًا فى بداية الطريق.
وكل ذلك بسبب نقص فرص العمل!!