محمد السيد عيد
الوصل والفصل - مخالفات الإسكندرية
الإسكندرية.. هذا الثغر الذي كان جميلاً، وكان ذات يوم عاصمة للثقافة والعلوم في العالم. لم ينجح المسئولون عنه في مواجهة المشكلات التي تواجهها المحافظة، وأهم هذه المشكلات : مشكلة القمامة، ومشكلة المباني المخالفة بدون ترخيص، ومشكلة المرور والطرق، بالإضافة لمشكلة الاستعداد للشتاء حتي لاتتكرر مأساة صرف مياه المطر كما حدث من قبل.
في مجال القمامة : لاتزال المحافظة تتبع الطريقة التقليدية في جمع القمامة، التي تعتمد علي أن يضع السكان قمامتهم في الشوارع، ثم يأتي النباشون لفرزها حيث هي، مما يسبب قبح المنظر، وتكاثر الذباب، والأمراض. إن سر بقاء هذه المنظومة الفاشلة هو وجود بعض المستفيدين منها. والحل لايحتاج لعبقرية، الحل يكمن في الرجوع للطريقة القديمة، التي تقوم علي جمع القمامة من الشقق، وبهذا لن يتم نبشها في الشوارع، ولن نري هذه المناظر القبيحة التي نراها الآن. كما أن المحافظة ستبيع لجامعي القمامة حق جمع القمامة في المناطق التي سيعملون بها. أي أن المحافظة ستحقق ربحاً. كل المطلوب توزيع عربات مجهزة علي الشباب الراغبين في المشاركة بالتقسيط بفائدة محدودة.
في مجال المباني المخالفة : المخالفات في المباني مستمرة دون توقف. في البداية كان المخالفون يبنون في أيام العطلات والأجازات فقط، الآن يبنون يومياً، جهاراً نهاراً، والسر وراء هذا هو فساد المحليات. فوراء كل برج مخالف رئيس حي مرتش، أومهندس مرتش، أومسئول تراخيص مرتش يتغاضون عن المخالفة. أما المقاولون فهم المسئولون عن الرشاوي، ولابد أن يبحث المحافظ عن آلية لمواجهة هذا الفساد، لأن الأمر خطير، وكل الأبراج المخالفة لاتوجد بها جراجات، مما جعل السير في الشوارع الداخلية مأساة. أما الخدمات في المدينة فقد صارت غاية في السوء، لأنها تحمل فوق ماتحتمل.
وثالث المشاكل هي مشكلة المرور والطرق : مقياس جودة المرور ليس هو الكورنيش. المقياس الحقيقي هو الشوارع الداخلية. التكاتك حولت الشوارع الداخلية إلي فوضي، فهي لاتسير إلا في الممنوع، أما المواقف العشوائية فحدث ولا حرج. وتكتمل المأساة بالميكروباصات التي تتزاحم في الميادين والشوارع. أضف إلي هذا الباعة الجائلين الذين يقفون في عرض الشوارع، والمقاهي التي تحتل الأرصفة والشوارع، ومواد البناء والقمامة التي تشارك في رسم الصورة. أما الطرق فحالتها لاتسر عدواً ولا حبيباً، فقد دمرها إدخال الغاز تدميراً. كما انتشرت فيها المطبات العشوائية، والإهمال.
هل يمكن أن يكون هذا حال مدينة سياحية؟ لقد كانت الإسكندرية في الماضي تتزين للسائحين، فهل هذه الحالة تتناسب مع أي مدينة سياحية ؟ خلاصة القول : فشل في مواجهة كل هذه المشاكل.
تبقي مشكلة الاستعداد لاستقبال الشتاء، وقد كان أداء المحافظ السابق جيداً في هذا الصدد، وعلينا أن ننتظر حتي الشتاء لنعرف ماذا سيفعل المحافظ الحالي.
بعد هذه المشاكل نأتي لمسألة استراتيجية يجب أن تحظي باهتمام أي محافظ للإسكندرية، وهي : استعادة مكانة الإسكندرية باعتبارها منارة من منارات الثقافة في حوض البحر المتوسط. إن مكتبة الإسكندرية لاتكفي، بل لابد من تفعيل مؤسسات المحافظة المختلفة. لقد تراجع عدد المسارح ودور السينما في الإسكندرية بشكل حاد. أين مسرح إسماعيل يس، والمسرح القومي، وغيرهما ؟ أين سينما الهمبرا وريتس وركس والكونكورد وماجستيك وغيرها ؟ صحيح أن هذه المواقع لم تغلق في عهد المحافظ الحالي، لكن لابد من الاهتمام بإيجاد مواقع بديلة. ثم ماهو الحل مع المواقع التابعة للثقافة الجماهيرية المغلقة للإصلاح ؟ أعرف أن الهيئة لها استقلالها، لكن المحافظ يجب أن يكون له دور.
إن دور المتفرج الذي يقوم به المسئولون لايكفي.