عبد القادر شهيب
لمصر .. تبرعوا لضحايا فلوريدا
بسبب ما نجم عن الإعصار المدمر الذى تعرضت له فلوريدا أعلن أربعة من رؤساء أمريكا السابقين، كارتر وبوش الأب وبوش الابن وأوباما، عن حملة تبرعات من
كل الأمريكيين لتعويض الخسائر الفادحة التى لحقت بالولاية وسكانها، وهكذا ليست مصر وحدها التى تحدث فيها حملات تبرعات تتولاهها شخصيات كبيرة، حتى
الولايات المتحدة يحدث فيها ذلك، ولا يستهجن أحد ذلك أو يجعله مادة للسخرية والتفكه والتندر به وكأنه أمر عجب، بل أن ذلك أمر من مهام المجتمع المدنى منذ أن
عرفت الدول الحديثة العمل المدنى أو الأعلي، ونحن فى مصر تحديدًا عرفنا العمل الأهلى قبل غيرنا من الدول العربية، ولدينا اقدم الجمعيات الأهلية، كما أن لدينا
صروحا ضخمة وكبيرة ما كانت قد قامت فى حينه بدون التبرعات، وعلى رأسها جامعة القاهرة العريقة والتى خرجت ملايين من الدارسين فى مختلف التخصصات
والعلوم.
إذن لا صندوق {تحيا مصر} ولا غيره من دعوات التبرعات التى تكثفت فى شهر رمضان هى استثناء مصري، أنها أمر عادى ويحدث فى كل الدول، وهذا دور
أصيل للمجتمع المدنى الذى تتعدد مجالات عمله وتشمل مع الجانب الحقوقى الجانب الرعائى والتنموى ايضا، ولعل ذلك يذكرنا بضرورة إتاحة الفرصة أمام الجمعيات
الأهلية لدينا لتنشط وتعمل وتؤدى دورها الذى ينتظره منها المجتمع، فلا يكفى أن تنشط فقط مجموعة محدودة من الجمعيات لأنها تجد مساندة رسمية، هذه المساندة
يجب أن تمنح لكل الجمعيات الأهلية التى تلتزم بقواعد الشفافية والافصاح عن أنشطتها وتمويلها. كما أن قيام شخصيات كبيرة بتوجيه دعوة للمواطنين للتبرع أمر طبيعي، ولذلك اشترك كارتر وبوش الأب وبوش الابن وأوباما معا فى توجيه دعوة للتبرع لضحايا الإعصار المدمر فى فلوريدا، بل لعل الأمريكيين شكروهم
على ذلك ولم يحدث مثلما يحدث عندنا ان سخر منهم أحد، فهم أبدوا تجاوبا وهم خارج السلطة بما تتعرض له بلادهم من كوارث طبيعية ومشاكل حادة، وفى ذات
الوقت لم تنطلق فى أمريكا حملات جلد ترامب وإدارته لأنها لا تؤدى واجبها تجاه ضحايا الإعصار المدمر لدرجة جعلت أربعة رؤساء سابقين يوجهون دعوة للأمريكيين
للتبرع من أجل هؤلاء الضحايا.
ولكن الذى يستحق التوقف فقط أمامه أن هؤلاء الرؤساء الأمريكيين الأربعة ينتمون للحزبين الأمريكيين الكبيرين، الحزب الجمهورى والحزب الديمقراطي، وكلا الحزبين لديه منظمة مجتمع مدنى فى أمريكا، هما المعهد الجمهورى والمعهد الديمقراطي، ونشاط المعهدين تجاوز الأرض الأمريكية، ألم يكن أجدر بهؤلاء الرؤساء الأربعة أن يطلبوا ايضا من المعهدين، الجمهورى والديمقراطى الاهتمام بضحايا فلوريدا بدلاً من إصرارهما على اختراق بلدان فى منطقتنا ومنها مصر، وتمويل منظمات وشخصيات مصرية من وراء ظهر الدولة المصرية، وبدون علمها، ولتحقيق أهداف سياسية رغم أن المجتمع المدنى لا يعمل فى النشاط السياسى والحزبي؟
ان دعوة رؤساء أمريكا السابقين للتبرع من أجل ضحايا إعصار فلوريدا المدمر تنبهنا إلى أن دعواتنا للتبرع ليست أمرًا عجبا، بل أمر محمود يستحق أصحابها الشكر مثلما يحدث خارج بلادنا وحدث فى أمريكا، ولكنها دعوة يجب أن تنبههم ايضا لأن تكف أمريكا عن استخدام المجتمع المدنى فى التدخل فى شئون غيرها من البلاد ومنها
بلادنا، فقد حان الوقت إذا كانت الإدارة الأمريكية جادة فى نبذ سياسات تغيير الأنظمة السياسية أن توقف أنشطة
منظمات أمريكية مثل منظمة الوقف الأمريكية لتحقيق الديمقراطية وكل من المعهدين الجمهورى والديمقراطي.