المصريون
د . جمال المنشاوى
قانون الإستضافة.. هل يعيد أدهم لإبيه..؟!
فيديو صادم,جارح, مؤلم, مُبكي, لأب وقف تحت شباك طليقته بميكروفون ينادي علي إبنه (أدهم أنا بابا ..فاكرني ؟!), الأب المكلوم حدثت له مشاكل مع طليقته, وهو أمر وارد, ولا يهم هنا من كان سبباً في الطلاق فليس هذا موضوع المقال, الموضوع هو أن هناك طفلاً بينهما, لا يري أباه ولا يراه أبوه, والطفل هنا يُعاقب بجريرة العناد, وحب الإنتقام من الأم تجاه ألأب, وليس هذا الطفل وحده من يعاني فهناك حسب الإحصاءات مابين 7 إلي9 مليون طفل يعانون من هذه المشكلة وتلك القضية, وهي ما يسمي قانون الرؤية في القانون المصري, وهو قانون عجيب صدر عام 1929, في زمن غير الزمن ووقت غير الوقت وظروف غير الظروف, لم يكن الطلاق قد بلغ هذا المبلغ ولا هذه الدرجة ولا هذه الأعداد, إذ يشير آخر إحصاء أن هناك 60 إمرأه مطلقة كل ساعة, يعني 1440 كل يوم يعني 43200 كل شهر يعني518400 كل سنة, وهي أرقام رهيبة جعلت مصر في المركز الأول عالمياُ, وليت الأمر يقتصر علي فراق الزوجين وذهاب كل منهم لحالة وممارسة حياته الجديدة, لكن وجود الأطفال بينهما يجعل القضية متشعبة ومترامية الأطراف ومعقدة, فليس كل الرجال أسوياء وليست كل النساء كذلك, لكن وبما إن الحضانة للطفل في هذه السن الصغيرة تكون للأم فبعض الأمهات يتفنن في إذلال الرجل بحرمانه من رؤية أطفاله حتى بما حدده القانون وهو ثلاث ساعات في مكان عام ذو أسوار كنادي رياضي أو حديقة عامة أو مركز شرطة أو مراكز شباب, فتارة تتعلل بصعوبة المواصلات وتارة بمرض الطفل أو بمرضها هي, أو بأي أعذار واهية لحرمانه من ذلك, بل يتعدى الأمر للتعسف والإفتراء فتلزم الأب بعدم اللعب مع إبنه أو إبنته وتريده أن يراه من بعيد وتقول له (اللمس لأ...تتفرج بس), أو الأم التي اتهمت زوجها بالتحرش بنجله عندما أراد تقبيله, أو الأم التي أقامت الدنيا عندما ذهب زوجها الطبيب المشهور لمدرسة بناته الثلاث ليتفقد أحوالهم ,أو الزوجة الأستاذة الجامعية في أحد كليات القمة كما يسمونها التي أخذت بناتها وذهبت بهم إلي محافظتها البعيدة عن القاهرة ليقيموا مع أمها وتسافر هي لعملها في العاصمة لتحرم أبيهم أستاذ الجامعة من رؤيتهم, أو الأم التي قالت لطليقها (حاخليك تمشي جنب بنتك في الشارع ومتعرفهاش ؟!), أو الطبيبة التي أخفت إبنها عن طليقها الطبيب المشهور ورفضت أن يراه حتى كبر الطفل وعرف أن أباه أستاذ جامعة وطبيب بارع في تخصصه, قصص كثيرة يشيب لها الولدان في استغلال الحاضنة لقانون الرؤيا, وإساءة إستغلاله لتركيع الرجل, ناسية ومتعامية عن إنها تعاقب إبنها أو بنتها ببعدهم عن أبيهم وعدم رؤيته, فتحدث لهم شرخاً نفسياً برؤيتهم الأطفال الآخرين الذين ينعمون بدفء العلاقة بين الأبوين ويتمتعون بأسرة مستقره, ويقارنون بينهم وبين الآباء الذين ينتظرون أطفالهم أمام المدارس ويحتضنونهم عند خروجهم, في منظر يُحرمون منه فيختزنونه في ذاكرتهم ويؤثر علي نفسيتهم فيخرجون مشوهي الشخصية, معقدي السلوك مما يدفعهم في أحيان كثيرة إلي الإنحراف فتكون ألأم قد جنت علي أولادها بسبب عنادها وجهلها, وعدم معرفتها بالشرع , وكل هذا بسبب قانون ظالم , لم يراع أي مشاعر إنسانيه للأب أو الطفل فعاقب الطرفين, ظنا من هذا المُشرِع أنه ينصف المرأة, بل تعدى ظلمه ليصل إلي أرحام الطفل من أبيه فيحرم أجداده وأعمامه وعماته من رؤية الطفل فينشأ الطفل مقطوع الجذور من أسرة يحمل لقبها واسمها ,بل قد يكون في مدرسة واحدة أو فصل دراسي واحد مع أبناء عمومته وهو لا يعرفهم, قضية خطيرة جدا تضاف إلي كثير من القضايا والمشاكل الأخرى التي تساهم في تفسخ المجتمع وتدميره إجتماعياً, وإنتاج أطفال بمثابة القنابل الموقوتة لتشويههم نفسيا نتيجة النشأة الغير سوية والغير طبيعية بحرمانهم من وجود الأب جسدياً وتوجيهياً وعاطفياً, إن الحل في هذه القضية هو أن يصدر قانون يعالج هذا الخلل ويصلح هذا العوج ويتدارك هذا العوار الواضح البين, والقانون المقترح هو ما يسمي بقانون الإستضافة (أن يكون من حق الطرف غير الحاضن رجلاً كان أو إمرأة أن يستضيف أولاده يومين أسبوعياً والمبيت معه ,وكذلك في الأجازات) لينعم بحضن والده أو والدته ويتعرف علي أسرة أبيه أو أمه غير الحاضنة, ليستقيم فكره وتهدأ نفسيته, ويحس بالاستقرار النفسي نسبياً, وقد حكمت بذلك محكمة الأسرة بالبساتين في الدعوى رقم1082 لسنة 2015 حيث حكمت لأب بإستضافة أولاده الثلاث يومين كل أسبوعين للمبيت معه, وقالت في حيثيات الحكم (إن من حق الأب أن يري أبناءه في أي وقت يشاء ولا يحق للحاضنة منعه من ذلك ومن الظلم أن يُحرم الوالد من ولده, والولد من والده وأنه يجوز للقاضي أن يحكم للطرف غير الحاضن بإستضافة أولاده كل أسبوع), حكم تاريخي يمكن البناء عليه والإستفادة منه في إصدار هذا القانون المُلح إصداره هذه الأيام خاصة وأن هناك مشاريع قوانين أمام البرلمان في هذا السياق, قانون الإستضافة أصبح ضرورة ويصلح جزءاً كبيراً من الخلل الموجود الآن في المجتمع, ويمنع أضراراً كثيرة تنتج عن حرمان الطفل من رؤية والده, صدور هذا القانون قد يرحمنا من رؤية هذا الفيديو مرة أخري (أدهم أنا بابا ..فاكرني ؟!)
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف