الأهرام
منى رجب
انتبهوا للهوية المصرية
أصبحنا نرى الآن ومنذ سنوات محاولات حثيثة لتغيير الهوية المصرية الراسخة فى عمق التاريخ.وهذه المحاولات كما يبدو لى أنها تسير باتجاه بعيد ومختلف عن مكونات وأصول وشكل الهوية المصرية العريقة كما نعرفها وكما نشأنا عليها وكما تبدو فى كل الصور التى تؤرخ لبلدنا. إنها هوية ذات طبيعة خاصة تميزها عن سائر الدول والمصريون يعتبرون أنفسهم مصريين قبل كل شىء أصحاب حضارة عريقة وثقافة وفنون وابداع عرفوا الحضاره والعلوم والفنون والموسيقى والحرية قبل العالم ولايزال كل هذا محفورا على المعابد الفرعونية منذ 5000سنة.. وفِى سلوكهم وفِى حياتهم اليومية .. ولكن منذ 25 يناير 2011 بدا واضحا لنا جميعا ان هناك محاولات لإعطائها صبغة متشددة فى اتجاه أسلمة هذه الهوية وانهال علينا سيل متتال من الفتاوى والتفسيرات المتشددة صاحبها محاولات تحريم كل شىء الموسيقى والفنون وتحجيم المرأة وتدمير التماثيل وتضييق الحريات وفرض أزياء لا تمت لمصر بصلة وإن كانت قد بدأت قبلها منذ التسعينيات. وانتشر ظهور أزياء مختلفة عما نشأنا عليه منذ الصغر فى مصر وملابس ذات شكل غير مصرى مثل التى رأيناها فى أفلام عبد الوهاب وأمً كلثوم وأنور وجدى وفاتن حمامة وغيرهم من قمم الفن المصرى والذين يعكسون للعالم هوية ثقافية لدولة متحضرة تحتوى مكوناتها على الحرية والفن والموسيقى والحياة الاجتماعية الراقية والاحتفال بالأعياد والمناسبات السعيده والأزياء ذات الاناقة والزينة الراقية التى تعود فى جذورها الى العصور الفرعونية ...

إن الملاحظ الآن على شكل الأزياء فى شوارعنا ومصايفها ومنتدياتنا ومجتمعاتنا سيجد تغييرا مقصودا فى شكل الزِّى المصرى سواء للرجل او للمراة. وجدنا السيدات يرتدين العباءة والحجاب ثم النقاب فى مصر بشكل متشدد واتخذوا من النقاب ستارا لارتكاب جرائم كثيرة.. والآن بدأ نشر منهج للنقاب باعتباره زيا إسلاميا رغم أن المصلين فى الكعبة المشرفة يصلون لله وهم مكشوفى الوجوه والأيدي. ووجدنا الرجال يطلقون اللحى ويرتدون الجلباب الطويل أوالقصير الذى يشبه زى أفغانستان وبدأت دعوات وفتاوى لارتداء النقاب المتزمت والجلباب .القصير فى كل مكان، وبينما كنا نتباهى بأن الموضة والأناقة فى الأزياء تظهر فى مصر فى. نفس توقيت ظهورها فى باريس فى أربعينيات القرن الماضى بالنسبة للنساء والشابات والرجال حيث كانت سيدات مصر من أجمل سيدات العالم وأكثرهن أناقة ..وبينما كانت السيدات يحضرن حفلات أم كلثوم فى كامل أناقتهن والرجال فى كامل الأناقة أيضا إذا بِنَا نجد تراجعا فى كل هذا. وشيئا فشيئا تراجع كل شىء.. وبدأ تيار آخر يطفو على السطح ويستخدم مواقع التواصل الاجتماعى والاعلام والافلام بهدف تحجيم البنات وتحجيبهن وتصاعد هذا التيار حتى وصل الى ذروته مع تولى الاخوان الحكم مدة سنة كانت هى الأسوأ فى تاريخ مصر وصاحب هذا محاربة الثقافة والفنون والابداع وتغلغل هذا التيار فى صعيد مصر وفِى بعض مدنها الكبرى وتم ترك هذا التيار ينمو ولم يوقفه احد حتى اصبح يهدد الهوية المصرية ذاتها والتى هى نتاج حضارات تعاقبت على مصر وذابت فيها، ولكنها لم تستطع طمسها.. وفِى السنوات الأخيرة تصاعد تيار يحطم كل القيم والعادات والتقاليد المصرية بل واللغة المصرية والأزياء المصرية من خلال سلسلة من الأفلام والدراما والبرامج السطحية والدينية المتشددة تقدم الكلمات الفجة والسلوكيات الفجة وشاعت الألفاظ الخارجة والسلوكيات الخارجة واستشرى العنف والبلطجة فى داخل الأفلام والدراما وتم تشويه صورة المرأة المصرية حتى كادت تتوه معالم الشخصية تماما.

إن الهوية المصرية هى احدى مكونات ثقافتنا العريقة وحضارتنا المتوغلة فى تعمق التاريخ والتى كانت بداية الحضارة الانسانية ومهدها. ولابد ان ندرك خطورة الخطط الممنهجة التى تهدف الى تشويه صورة المرأة المصرية والرجل المصرى لقد رأيت أخيرا صورة سيئة تناقلتها مواقع التواصل الاجتماعى مؤخرا وهى فى مدينة الرحاب وكأنها فى أفغانستان صورة تشعر معها بالغربة هى صورة لرجال يفترشون الارض ويرتدون الجلباب الافغانى وحولهم بنات صغيرات منتقبات ونساء منتقبات ومن حولهم الارض مليئة ببقايا الجلسة دون اكتراث بالنظافة او بأنها حديقة عامة.ان الهوية المصرية مستهدفة الآن وفق مخطط دولى لايزال مستمرا.. ان مصر لاتزال عصية على التقسيم، لكن المخطط لايزال قائما يتحين الفرص للتنفيذ وحائط الصد الاقوى فى مواجهته هو الشعب المصرى العريق بنسائه ورجاله وشبابه وهؤلاء من الضرورى ان يحافظوا على الهوية المصرية بكل مكوناتها الاصيلة وبكل مجالات الريادة والتفوق التى اشتهر بها المصريون والتى ميزتهم عن سائر شعوب العالم.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف