الأهرام
عائشة عبد الغفار
أوضاع فرنسا والعالم العربى
فرنسا والعالم العربى هو عنوان «تقرير مهم لمعهد مونتيني» «montaigne»صدر أخيرا واستلهم منه الرئيس ماكرون بعض أولويات سياسته الخارجية خلال خطابه أمام مائتين من السفراء المعتمدين أكد التقرير أن فرنسا تفقد تأثيرها فى شمال إفريقيا وفى منطقة الشرق الأوسط ويأخذ فى الاعتبار المستجدات التى طرقت على المنطقة العربية ويطالب بأن تتبنى فرنسا سياسة جديدة إزائها حيث إن فرنسا تعالج كل حالة على حدة ولم تتنبأ ببدايات ثورة 2011، ونتائجها فى حين أن روسيا تدعم مواقفها فى الرأى العام العربى ومناطق النفوذ الشرق أوسطية.

يذكر الخبراء كيف كان ديجول يميز الأنظمة غير الإسلامية والسلطاوية الحديثة فى عراق صدام حسين وإيران الشاه وتونس بورقيبة الخ.. فلقد ضلت فرنسا اتجاهها وتولى دول الخليج أهمية مطلقة ويقترح الخبراء إرساء سياسة دبلوماسية جديدة محورها هو المغرب العربى.

لاشك أن صورة فرنسا اهتزت فى العالم العربى وتبدو وكأنها تناهض المسلمين منذ المجادلات الواسعة حول الحجاب ومساندتها لديكتاتوريات عربية وتداخلها فى ليبيا للإطاحة بالقذافى الذى كانت تستقبله قبل ستة أشهر من سقوط نظامه وتعرض بشار الأسد للازدراءات وناهينا عن معارضتها أحقية المجموعة العربية فى قيادة اليونسكو وتقديم الرئيس هولاند لمرشحة فرنسية دون علم وزارة الخارجية الفرنسية وإيجاد آثار سلبية فى الرأى العام العربي، ويقترح خبراء المراكز البحثية دعم العلاقات التجارية مع شمال إفريقيا وبالذات أن هناك 28 مليونا من السكان يتحدثون اللغة الفرنسية و 35% من أطفال المهاجرين فى فرنسا من أصول مغربية بدلا من الحديث عن إبرام عقود واتفاقات صاخبة فى الخليج لم تنفذ فى حين أن المبادلات التجارية مع المغرب تمثل 27 مليار دولا مقابل 19 مع الدول البترولية. وتؤكد المراكر البحثية أن فرنسا تنسحب عن إيران إقليميا وروسيا سياسيا وعسكريا والصين اقتصاديا فى حين أن ألمانيا تستخلص مصلحتها من هذا الملعب الضخم الذى يصل تعداد سكانه إلى خمسمائة مليون مواطن.. ويصل حجم التبادل التجارى مع المنطقة إلى 96 مليار يورو كما أوجدت ألمانيا عقب الربيع العربى صندوقا إقليميا لمعالجة مشكلة البطالة فى كل من مصر وتونس.

كما تشير تلك الدوائر إلى أن فرنسا تستند أخيرا على المملكة السعودية فى الشرق الأوسط والمغرب فى إفريقيا والرئيس السيسى فى مصر ولم تنجح فى إعادة صياغة علاقاتها مع تونس التى دخلت فى عصر اقتصادى وسياسى جديد.

إن هذا الحديث عن تراجع فرنسا هو الذى حفز الرئيس ماكرون على شرح أولويات السياسة الخارجية الفرنسية خلال الأيام القليلة الماضية وتوظيفها من أجل تعزيز مكانته الداخلية أمام حشد كبير من السفراء، حيث رسم صورة لفرنسا التى يريدها فرنسا القوية والمتحدة والمنفتحة على العالم، كما أكد أن الحرب ضد الإرهاب والتطرف الإسلامى خاصة فى سوريا والعراق سوف تكون أولى أولويات الدبلوماسية الفرنسية وطالب بإنهاء الحرب فى سوريا، مشيرا إلى أنه سوف يدعو لقمة دولية لمناهضة تمويل الإرهاب، فى بداية العام القادم، كما أعرب ماكرون عن رغبته فى تعزيز الروابط الاقتصادية والمالية بين المجموعة العربية ومجموعة من الدول الأخرى، مشيرا إلى أن «البريكسيت» لايجب أن يستوعب قوة أوروبا .. وطالب بأهمية تنمية القارة الإفريقية كمفتاح لمناهضة الإرهاب وأزمة الهجرة. لا شك أن فرنسا تريد استعادة مصداقيتها في منطقة الشرق الأوسط، وتعيد صياغة سياسة التعاون بين الشمال والجنوب، وسوف تبرهن الزيارات المتبادلة بين الرئيسين السيسي وماكرون الرغبة في نشر رسالة سلام وتنمية ورخاء في الشرق الأوسط وإفريقيا ومنطقة المتوسط.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف