الوفد
عباس الطرابيلى
هموم مصرية - تجميع.. أم تصنيع؟
هل نغالط أنفسنا بالقول ان في مصر الآن «صناعة.. حقيقية» أم هي في حقيقة الأمر مجرد تجميع لمنتجات أجنبية؟! ودعونا نعترف بهذه الحقيقة المُرة.
مثلاً صناعة السيارات.. هل- بعد 60 عاماً من بداياتها- نستطيع أن نقول ان عندنا صناعة للسيارات.. ولماذا نصر في كل قوانينا علي تحديد نسبة المكون المحلي في هذه الصناعة الحيوية.. ولماذا تتوقف المكونات المحلية عند المقاعد والإطارات والأمور الشكلية ولا تتقدم عملياً، نحو عملية تصنيع الموتور.. حتي بطاريات السيارات والإطارات نفسها تصر شركات السيارات الكبري علي أن تستوردها هي بنفسها لتضمن جودة الأجزاء التي تقدم لنا- في النهاية- سيارة مضبوطة!! وما هو سر انتشار بطاريات السيارات من كل دول العالم من تركيا شمالاً إلي أندونيسيا وفيتنام.. وحتي كل الأجزاء الحيوية «تصر» هذه الشركات علي استيرادها.
بل ان نسبة كبيرة من هذه المكونات المحلية اللازمة لهذه الصناعة وغيرها.. نقوم باستيراد موادها الخام!! ونفس الوضع في معظم- ان لم يكن كل- ما نراه الآن في الأسواق المصرية.
<< وهل نملك شجاعة فك أي سلعة «يدعي» بعضهم انها انتاج محلي من أجهزة تكييف، وثلاجات، وغسالات، وسخانات، وأجهزة تليفزيون وغيرها.. وأخشي أن نكتشف- بعد أن نقوم بفك هذه الأجزاء- ان 90٪ منها ليست من الانتاج المحلي.. بل هي مستوردة.. والمؤلم ان شركات تجميع هذه السلع في مصر تستورد هذه الأجزاء أو المكونات من العديد من الدول فقد نجد أن مكونات جهاز التكييف مثلاً تم استيرادها من 100 دولة!! وليس فيها- إلا نادراً- قطعة أو قطعتان صنعت «بالفعل» داخل مصر.
<< وأعترف ان هناك محاولات جادة لانتاج ثلاجة مصرية خالصة.. أو سخان للمياه أو بوتاجاز.. إلا أجهزة التكييف.. إذ نسبة 90٪ علي الأقل من مكوناتها.. مستوردة.. ولذلك فقدت هذه السلع أهم سماتها.. إذ كنا نطلق عليها سلعاً معمرة.. ولكنها لم تعد معمرة.. ولا يحزنون.. ورحم الله زمناً كنا نسخر فيه من كل السلع المستوردة من تايوان.. بحجة انها كانت درجة ثالثة.. نطلق عليها تايواني أي.. مضروبة!! وبالمناسبة معظم المنتجات الصينية المعروضة في مصر هي من الدرجة الرابعة.. أما الأولي فيتم طرحها في أمريكا، والثانية تطرح في أوروبا.. والثالثة تطرح في الأسواق الإفريقية.. وتأتي مصر في الدرجة الرابعة!! بينما السلع زمان: ألماني، انجليزي.. ياباني وكانت تعرف بجودتها.
<< ولا أري مانعاً من استيراد المكونات.. ولكن يكون ذلك إلي حين نتمكن من زيادة نسبة المكون المحلي.. لنصل وبعد مدة محددة أقصاها 10 سنوات إلي صناعة المطلوب- بالكامل- داخل مصر.. هنا نقول وبكل فخر اننا نصنع هذا في مصر، ولكن ماذا نقول وقد بدأنا عصر الكذب التصنيعي في العصر الناصري عندما قالوا لنا اننا نصنع كل شيء «من الإبرة.. إلي الصاروخ» والحقيقة اننا لم نصنع الصاروخ.. ولم نصنع حتي إبرة الخياطة.
<< ويكفي أن مصر وهي تستورد الملايين من التليفون المحمول لم تنجح حتي الآن في تصنيع جزء بسيط من هذا المحمول ولا حتي غطاء المحمول ولا نقول بطارية المحمول.. وهذا التوك توك الذي غزا مصر كلها نستورده من الصين ومن الهند.. وعندما حاول وزير الصناعة السابق، منير فخري عبدالنور، الحد من استيراد هذا التوك توك كاملاً تحايلت المافيا بإدخال أجزاء هذا التوك توك ليتم تجميعه داخل مصر.
وهكذا أصبحنا سوقاً رائجة لكل ما ينتج خارج مصر.. وامتدت هذه الجريمة إلي ما يتم تجميعه.. فلا نحن نجحنا في التجميع.. أو نجحنا في التصنيع لأن معظم ما يتم تجميعه داخل مصر.. سلع من الدرجة الرابعة!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف