الجمهورية
مدبولي عثمان
الخضراوات القاتلة .. ناقوس خطر
انتشرت مؤخرا حالة إصابة المعدة ببكتيريا ضارة نتيجة تناول الخضراوات الملوثة بمياه المجاري . والدليل علي انتشارها جاء علي لسان أحد الصيادلة بمدينتي القناطر الخيرية بقوله انه صرف خلال أيام معدودة أكثر من 50 روشتة لعلاج تلك البكتيريا. ولنا أن نتصور أعداد المصابين إذا علمنا أن عدد الصيدليات بمصر يبلغ 70 ألف صيدلية.
وقد أثبتت الدراسات العلمية أن مياه الصرف الصحي تسبب في حدوث أكثر من 15 مرضا خطيرا مميتا نتيجة لاحتوائها علي أنواع كثيرة من الكائنات الحية الدقيقة الضارة كالبكتيريا والطفيليات والفيروسات بالاضافة للمعادن الثقيلة والمواد السامة المستخدمة في الغسيل والنظافة. ويمكن لهذه الميكروبات البقاء علي قيد الحياة في التربة أو علي أسطح الخضراوات والفواكه لفترات طويلة . إلي أن تنتقل بعد ذلك للإنسان أو الحيوان. وبذلك تتحول الخضراوات الورقية من مصدر لامداد الجسم بالفيتامينات اللازمة لقوته وحيويته إلي مصدر البكتيريا والفيروسات القاتلة للانسان.
والري بمياه الصرف يشكل خطرا صحيا علي المزارعين . وعلي مستهلكي المحاصيل المروية. وعلي الناس الذين يعيشون علي مقربة من هذه الحقول. وتقول الاحصائيات الرسمية إن المساحات المروية بمياه الصرف حوالي 180 الف فدان بينما تقدرها المصادر غير الرسمية باكثر من مليون و200 الف فدان. وتكشف تقارير موثقة أن مايقرب من 50% من الخضراوات والفاكهة التي يتناولها المصريون ملوثة ببعض العناصر التي تحتويها مياه الصرف.
ومشكلة الري بمياه الصرف تعد جريمة بكل المقاييس يشارك فيها الحكومة أولا بعدم مراقبتها الكافية وبعد اتخاذ إجراءات رادعة ضد المخالفين .وثانيا الاهالي الذين يروون اراضيهم بتلك المياه أو الذين يشاهدون تلك الجريمة ويصمتون عليها.
والري بمياه الصرف الصحي يعد جزءاً صغيرا من مشكلة كبري وخطيرة وهي تلوث مياه النيل التي يعتمد عليها المصريون بنسبة 97 في المائة في الري والشرب. وكشف تقرير صادر عن جهاز شئون البيئة أن 872 مليون متر مكعب سنويا من مياه الصرف الصحي غير المعالجة أو التي تعرضت لمعالجة ابتدائية فقط. تلقي في النيل . أخطرها وأكبرها تصبها 4 مصارف بفرعي دمياط ورشيد. هي الرهاوي وسبل وتلا وعمر بك. بالإضافة إلي أن 72 مصرفا زراعيا يلقي مباشرة في النيل بنحو 13.7 مليار متر مكعب سنويا من المياه المحملة بالمبيدات والكيمياويات. أما الملوثات الصناعية المنصرفة بالمجاري المائية فتصل وفقا لأحدث التقارير إلي 270 طناً يومياً أي أنها تعادل التلوث الناتج عن 6 ملايين شخص. وتقدر المخلفات الصلبة التي يتم صرفها بالنيل حوالي 14 مليون طن. أما مخلفات المستشفيات تبلغ حوالي 120 ألف طن سنوياً منها 25 ألف طن من مواد شديدة الخطورة.
والأمراض الناتجة عن تلوث المياه تصيب عشرات الملايين من المصريين بامراض خطيرة مما يهدد الامن القومي . وتشير الإحصائيات الصادرة عن معهد الأورام القومي إلي إصابة 100 ألف مواطن مصري بالسرطان سنويًا بسبب التلوث الناجم بالاساس عن استخدام مياه الصرف الصحي غير المعالج في ري المزروعات خاصة الورقية. وأفادت دراسة للدكتور احمد نجم المستشار الاقتصادي بمجلس الوزراء المصري أن حوالي 17 ألف طفل سنوياً يموتون بالنزلات المعوية جراء تلوث المياه. وأوضحت الدراسة. أن هناك ارتفاعاً ملحوظاً بنسبة مرضي الفشل الكلوي لدي المصريين بسبب تلوث المياه بدرجة تبلغ معها نسبة الإصابة بالمرض حوالي أربعة أضعافه بالعالم .
ليست المرة الأولي أو الأخيرة التي ندق فيها ناقوس الخطر بشأن تلوث المياه . فمتي تتوافر الجدية والارادة لدي الحكومة والمواطنين لمواجهة المشكلة التي تهدد الأمن القومي المصري؟!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف