الدستور
كريمة الحفناوى
خصخصة الخدمات والمرافق مخالفة للدستور
كانت نتيجة تطبيق سياسة الانفتاح منذ أكثر من أربعين عامًا وبالًا على مصر وشعب مصر وأدت إلى انتفاضة يناير ١٩٧٧ التى قام بها الشعب ردًا على رفع أسعار جميع السلع والاحتياجات الضرورية للمواطنين، تنفيذا لشروط صندوق النقد الدولى.واستمرت السياسات التى أدت إلى خراب البلاد سياسيا واقتصاديا واجتماعيا حتى وصلنا لثورة ٢٥ يناير ٢٠١١.
بالرغم من كل هذا تعود نغمة الخصخصة بدلًا من تطبيق الدستور الذى أجمع عليه الشعب المصرى والذى يضمن حقوق الشعب الاقتصادية والاجتماعية: الحق فى الصحة والتعليم والسكن وبيئة صحية سليمة وتوفير فرص عمل ومرتبات تكفى لحياة كريمة. ويقول لنا المسئولون وبكل جرأة إن خصخصة الخدمات والمرافق موجودة فى كل الدول، ونقول لهم إن ٦٩ دولة فيها تأمين صحى شامل لكل المواطنين من خلال اشتراك يدفعه الجميع مثل فرنسا وكندا أو الضرائب التى يدفعها المواطنون مثل بريطانيا. كما نجد أن السكك الحديدية تتبع الدولة فى معظم دول العالم، منها فرنسا والمجر وبلجيكا والنرويج وإيطاليا وإسبانيا وإندونيسيا والهند والصين وباكستان والبرتغال وأستراليا والأرجنتين وجنوب إفريقيا. كما أن فرنسا عندما لجأت إلى خصخصة مرفق المياه فى بلدية باريس فى فترة سابقة أسفر ذلك عن تدهور نوعية المياه مع ارتفاع شديد فى أسعارها، مما دفع المسئولين إلى استعادة المياه مرة أخرى كمرفق عام وإدارتها بشكل غير ربحى.
وهناك مثال آخر فى بريطانيا عندما تمت خصخصة السكك الحديدية فى عهد رئيسة الوزراء مارجريت تاتشر فى ثمانينيات القرن الماضى، أسفر هذا عن تصاعد وزيادة حوادث القطارات والتى تم تفسيرها بتقصير الشركة الخاصة فى واجبات الصيانة لأن كل همها كان تحصيل أكبر قدر من الأرباح مما دفع العديد من الأصوات للمطالبة باستعادة ملكية الدولة للمرفق.
وضعت هذه الأمثلة أمامكم للرد على كبار المسئولين الذين لا يجدون غير الخصخصة سبيلا وطريقا وحيدا للحل ولا يجدون أيضا وسيلة لتوفير الأموال للصرف على المشروعات والخدمات والمرافق غير الاقتراض من الصندوق.
إذا رأيتم محاولات الخصخصة للمرافق تحت بند تطويرها وصيانتها وتشغيلها لأنه لا توجد ميزانية نقول لكم إن الأموال متوفرة إذا أحسنتم استخدام موارد الدولة وقضيتم على الفساد ونهب المال العام، وتم فرض ضرائب تصاعدية لتحقيق نظام ضريبى عادل مثلما ينص الدستور، مع البدء فى تنفيذ خطة تنمية إنتاجية فى الصناعة والزراعة وتخصيص نسبة من أموال الصناديق الخاصة للصرف على ذلك، وإذا تم تنفيذ ما جاء فى الدستور بوضع حد أقصى للمرتبات دون استثناءات، وأقترح أن يكون ١٥ ضعفًا للحد الأدنى مثل معظم دول العالم.
ويمكننا أيضا توفير إيرادات لموازنة الدولة إذا اهتممنا بالصناعات التحويلية لتدر علينا دخلًا كبيرًا بدلًا من تصدير ثرواتنا الطبيعية والتعدينية فى صورة مواد خام بأموال زهيدة.
لماذا لا يتناقش ويتحاور المسئولون مع القوى الوطنية والخبراء الذين يقدمون طرقًا وحلولًا بديلة للاعتماد على الذات دون الاعتماد على قرض الصندوق والخضوع لشروطه التى تؤدى إلى البيع للأصول والمرافق وتؤدى إلى الخراب وغلق المصانع وتشريد العمال وإلى التبعية وفقدان استقلال الإرادة الوطنية؟!.
وقبل أن أنهى كلامى أضع أمامكم بعض مواد الدستور الذى هو مرجعيتنا والعقد الذى بيننا وبين الحكام.
دستورنا، يا سادة، فى المادة ١٨، ينص على أن «لكل مواطن الحق فى الصحة وفى الرعاية الصحية المتكاملة وفقًا لمعايير الجودة، وتكفل الدولة الحفاظ على مرفق الخدمات الصحية العامة التى تقدم خدماتها للشعب ودعمها والعمل على رفع كفاءتها». وأضع هنا مليون خط تحت بند الحفاظ على مرفق الخدمات الصحية، هذا المرفق الذى يشتمل على كل المستشفيات والمراكز التى تقدم الخدمة الصحية «المستشفيات العامة والجامعية والوحدات الصحية ومستشفيات التأمين الصحى والمؤسسة العلاجية والمعاهد المتخصصة ومستشفيات التكامل».. لقد تم بناؤها بأموال الشعب، أى أنها ملكية عامة ويجب الحفاظ عليها وفقًا للمادتين ٣٣ و٣٤ من الدستور، واللتين تنصان على حماية الملكية العامة والحفاظ عليها.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف